بكاء العمياء دون دموع

حين استشهد زوجها الطيار سمير في الحرب السابقة توقفت بعد أيام عن البكاء، واعتبرت أن تربية ولديها على الشرف والرجولة بدل الدموع هو الوفاء لزوجها …وقالت في نفسها ولداي الآن يشكلان شاطئين يمنعان انسكاب الدمع من عيني… وابتسمت بأسى وهي تتذكر كيف كان زوجها يتغزل بهما قائلا إنني أسبح في هاتين البحيرتين مع قوس قزح، وأخشى أن تنساح الأمواه الملونة على السرير لا يجوز لهاتين البحريتين الجميلتين أن يجف بريقهما أبدا… لحق الولدان بأبيهما على أجنحة القذائف إبان الحرب المجنونة، فتهدل الشاطئان، وراحت الأمواه مع قوس القزح تنساح يوميا من البحيرتين نحو الوسادة والسرير إلى أن جفتا تماما … إنها اليوم تزور ضريحي ولديها اللذين دفنا قرب والدهما مسترشدة بعصا في الطريق، وببوصلة القلب الجريح، وتتلمس الشاهدتين بيديها وكأنها تعبث بشعرهما، ثم تنتقل إلى شاهدة قبر أبيهما وتتابع أقسى طقس للبكاء دون دموع…وهي تردد: لقد جفت البحيرتان يا سمير…