نشرت منذ حين في الثورة الثقافي – أون لاين فشكرا
آمل أن تقرأوا القصة بهدوء حتى النهاية فهذا جزء من واقعنا حقا!
أطلق السيد واصل النار فأصاب تحديدا عين السمور، هذه أفضل هواياته، وهو صياد خبير، وسرعان ما أحضر أبو عدنان الذي يلقب “بكلب السيد واصل” الطريدة وهو يقول: ما شاء الله كما في كل مرة في العين تحديدا، فقال واصل: نعم هكذا لكي لا تفسد الفروة، -واستطرد- هل تعرف لماذا تساعدني أنت ولا أستخدم الكلاب، أجاب أبو عدنان: نعم كي لا تُخرِّب الفرو بأنيابها، فقال السيد واصل بسرعة: صحيح حتى لا تفسد أنياب الكلاب هذه الفروة الرائعة، يجب أن يحافظ الصياد على الفراء الثمينة بأبهى حلة لأنها ستكون ملكه- وراح يشرح- في البداية يجب أن يناور الصياد طويلا ويلاحق الطريدة حتى تهدأ ولو لبضع ثوان ثم يسدد. تدخل أبو عدنان: ولكن مؤسف إنها كائنات جميلة. ولهذا -أجاب السيد واصل- يجب أن تقتل بحرفية في العين تحديدا… بل إنني أستلهم التصويب السديد من جمال وصفاء عينيها، أركز على عين واحدة وتغدو بالنسبة لي بمثابة الدائرة السوداء في منتصف الدريئة.
ساد التوتر في بيت عادل -أبي فراس- الذي كان مضطربا جدا يزرع صالون بيته ذهابا وإيابا، وفي مثل هذه الحالة ينزوي الجميع ويعم الهدوء إلى أن يهدأ عادل ذو النفس الطيبة حيث عرف عنه أنه ودود وصادق ونقي جدا، ولكن غضبه هذه المرة طال وراح يدخن رغم أنه أقلع عن التدخين منذ سنتين، إلى أن تشجعت أم فراس وأعدت فنجان قهوة وقدمته له وسألته بحذر عما يزعجه فهو مضطرب كثيرا هذا اليوم…
تنهد عادل وجلس على الكنبة ورشف رشفتين من فنجان القهوة وقال: علي إغلاق المحل وأن أبحث عن عمل آخر. ماذا تقول، ما الذي حدث؟ – سألت بتوجس- فأوضح أبو فراس: رست المزايدة الجديدة لبيع المحجوزات على جاري ومنافسي الدائم السيد واصل بفارق لا يمكن أن تتوقعيه، مفارقة بسيطة جدا… هذا يعني بكل وضوح أن هناك آلية غريبة نجهلها تستخدم لإنهاء المزاد بحيث ترسو عليه هو لا غيره، أو هناك من يغير في الأرقام فيما بعد في السجلات لتغدو لصالحه، فهذه هي المرة الثالثة، وحتى الآواني المطبخية التي رست عليّ قبل شهرين والتي يبدو أنه تركها خصيصا كما يبدو ليوحي بأنه المسيطر، فقد عرضتها للبيع بسعر، زهيد تقريبا دون أرباح تذكر لكي أتابع عملي في السوق ومع ذلك أحضر السيد واصل بضاعة مشابهة وعرضها بسعر أرخص بكثير من بضاعتي، ومن الواضح أنه يخسر فيها، ولكن لكي يكبدني خسائر كبيرة وتكسد البضاعة عندي. ولماذا يفعل ذلك – سألت أم فراس وقد اصفر وجهها. أوضح أبو فراس: هناك عشرة أشخاص يلقبون بالحيتان يريدون السيطرة الكاملة على السوق وتحويل الآخرين إلى مجرد سلالم للوصول إلى مصالحهم، وهم يرشون ويفسدون المسؤولين، ويمارسون التلاعب والغش، ومن يظل مستقيما يزعجهم طبعا لأنه يفضحهم دون أن يتكلم، فيتفقون عليه ويحاربونه بإيعاز من زعيمهم السيد واصل.
فكرت أم فراس وقالت بلهفة: ولماذا تترك السوق؟ يمكن أن تغير طبيعة العمل إن كانوا بهذه القوة. أوضح أبو فراس: لقد تدبر الأمر مع بعض ضعاف النفوس من المسؤولين الفنيين وأدخلوا محلي في التنظيم الجديد بحيث سيقصون أكثر من نصفه، وأمهلوني ثلاثة أشهر لتصفية أعمالي وبضائعي، طبعا رفضت هذا الإنذار ورفعت كتاب تظلم لأن المحل لا يمكن أن يكون ضمن التنظيم، فهو يبعد عن مكان الحديقة الصغيرة التي ينوون إقامتها هناك أكثر من مئة متر، وإذ بشكاوى مفتعلة من أصدقائه وزباينته بأني أزور وثائق البيع والشراء، وجاء المراقبون وفتشوا أياما عديدة وكان واضحا أنهم كانوا يقصدون إعاقتي عن العمل، وقد صبرت على هذه المضايقات أيضا، لقد تحول الأمر إلى وشايات مغرضة بأني أقوم سرا بتهريب الحشيش، وجاءتني الدوريات تباعا. إلى هذا الحد – عبرت أم فراسها عن هلعها-. أكثر يا أم فراس…
بعد فترة صمت قليلة قال أبو فراس: جاءني اليوم كلب السيد واصل -استغربت أم فراس فاستدرك أيو فراس- إنه أبو عدنان مساعده وخادمه,,, الجميع ينادونه كلب السيد واصل وهو يبتسم، فهو دائما رهن إشارته، واقترح علي أن أبيع المحل للسيد واصل بأقل من نصف سعره معتبرا أن المكسب معي لأن المحل سيخضع قريبا للقص، ولن يبق منه سوى بضعة أمتار، طبعا واضح أنني إن رضخت وبعته سيخرج المحل من خارطة التنظيم ويبقى سليما، هكذا يكسب مئات الملايين بالخداع والغش! قلت له لن أبيع وخاصة للسيد واصل، فقال لي ما على الرسول إلا البلاغ، وأضاف أنه سمع بنفسه أن هناك إخبارية عني بأني أبيع السلاح للإرهابيين!!! ومن ثم بلهجة متعاطفة قال لي يا أبا فراس أنت لست ابن سوق، فالكل يقول عنك أنك رجل طيب ومستقيم، ومن ثم تنهد وقال، في نهاية المطاف المحل سيكون للسيد واصل فهو صياد ماهر، يتاجر عمليا بكل أنواع الفراء ليضمن أرباحا كبيرة، استغربتُ وقرأ على وجهي سؤالا ضمنيا وهو ما علاقة الصيد والفراء هنا، فأوضح على الفور إنه حريص على الحصول على المحل صافيا سليما وبدون إشكالات وشوائب، والصياد الماهر يطلق النار على عين الثعلب والسمور لكيلا يفسد بالطلقة جلدها ، هل فهمت، إنه صياد ماهر، ويلقب بقاتل السمور، فهو يحصل على كل شيء نظيفا ونقيا ودونما ثقوب في الفرو!