وقفت سناء الصغيرة حزينة قرب قبر ترابي دفنوا فيه لتوهم والدها الشهيد، ولم يكن فوق القبر سوى بضع رزم من نبات الآس، وحوله بعض الأقارب والأصحاب، تطاولت وانحنى جدها نحوها فقالت له: انظر إلى ذاك القبر هناك كم هو فاخر، إنه من الرخام الأبيض، وفوقه باقات لا تحصى من الورود، وحشد كبير حوله تنتظرهم سيارات فخمة… فهمس جدها: الناس مقامات كان ذاك تاجرا غنيا، ومسؤولا كبيرا…أما أبوك فكان مواطنا عاديا وعاملا فقيرا… في الذكرى الأربعين حضرت سناء مع أهلها باكرا، ولم يكن أحد بعد من أقارب التاجر الغني -المسؤول الكبير قد أتى… فذهلت عندما رأت كوم الورود الذابلة فوق الرخام في حين بدا قبر أبيها جميلا وفواحا، فقد حملت إليه النسمات بذور ورود متنوعة وتسامقت من التربة تعانقه بألوانها الزاهية كأنها بفوحها تقدم تحية الوفاء، فالورود التي تنبت في البرية تقدر المقامات حق قدرها.