كشامة أو كعين مقلوعة

كثيرا ما يشرد منير ويتابع خيالاته وكأنها واقع حقيقي حتى أنه يتحدث أحيانا مع الكائنات التي تراود خياله… لكنه اليوم قرر أن يصرف جل وقته بالقراءة…كان الكتاب مُملّا فراح يتأفف متأملا سطوره والكلمات التي بدأت تتماوج كأخطبوطات صغيرة… وتذكر أن النصوص الجميلة كانت تشده حتى لتبدو الحروف والكلمات فيها رشيقة تتقمص بعض الكائنات… فحين قرأ قصيدة رائعة عن الحب بدت حروف الدال والذال وحتى الواو كمناقير البلابل وهي تغرد، وحروف اللام مع الألف كأجنحة فراشات ترفرف، والفاصلة كعلامة موسيقية، والمعترضة كفرجة ضيقة بين شفاه جميلة، وإشارة التعجب كريشة فنان تحتها بقعة لون صغيرة، أما شارة الاستفهام فتبدو كغمزة عين، والنقطة مثل شامة على خد نضر … لكنه الآن وأمامه نص مُمل قبيح بدت له اللغة حاقدة شرسة، وسرعان ما تحركت الكلمات كحشرات تزحف، هذه الفاصلة كمهماز عقرب، والمعترضة كشارة المرور قف، وإشارة التعجب كهراوة تحتها قطرات دم، وإشارة الاستفهام كمنجل يكاد ينقض على عنق، أما النقطة فبدت كطلقة في الظهر أو كعين مقلوعة! فرمى الكتاب وعاد إلى المجموعة الشعرية الوجدانية وهو يتنهد!