إياك أن تترجم

سافر ثلاثة أصدقاء مبدعين شاعر وموسيقي ورسام في رحلة سياحية معا إلى بلد أجنبي جميل، وكان الدليل المترجم – لكي يظهر مدى تفانيه وإخلاصه في العمل- كان يشرح طيلة الرحلة بلغة الوفد السياحي عن كل شيء، ويترجم كل نأمة حتى العبارات المكتوبة في لوحات الإعلانات وعلى الجدران في الشوارع، ثم دخل فريق السياح إلى حديقة بديعة مذهلة باذخة الجمال، نزلوا من الباص وسبقوه فسار في إثرهم مسرعا وراح مذ لحق بهم يقص عليهم تاريخ الحديقة واسمها ومن مر بها من العظماء والجلادين وكبار التجار، ويترجم حتى الكلمات الإرشادية في ممراتها إلى أن وصلوا فسحة تشبه الجنة حيث ينساب جدول ماء يصدر منه خرير كإيقاع طلاسم اسطورية، وتظلله أشجار مزهرة فواحة كباحة في الفردوس تدعو الزائرين إلى التألق، ويندى تماوجُ الحفيف كلثغة الملائكة، وتهادى إلى مسامعهم تغريد بلبل صداح … همَّ المترجم بالكلام: – ما تسمعونه من هذا البلبل هو… عندها ودونما اتفاق أغلق الرسام عيني المترجم، وسدَّ الموسيقي أذنيه، وأغلق الشاعر فمه بإحكام، وقالوا بصوت واحد إياك أن تترجم…