إذا لم تحتسِ فافعل ما تشاء

كان أبو كنان وأصدقاؤه من الظرفاء، وكانوا يسهرون كل يوم عند أحدهم، ويشربون ويتسامرون ما عدا أبي مروان الذي يكرر دائما أنا أشرب لطفكم “وأتنقرش” بأحاديثكم الحلوة ولكنني لا أحتسي الخمر… ويشدد على كلمة أحتسي…

ذات يوم صيفي كانت السهرة عند أبي كنان في باحة الدار، وكان أبو مروان يقص عليهم كيف أنَّب البقال الذي وضع حبات سيئة من البندورة في أسفل الكيس، وقال له إذا لم تستحِ فافعل ما تشاء، وكرر “إذا لم تستح” وهو يمثل كيف أخرج حبات البندورة السيئة من الكيس وأرجعها للبقال، فدفع بشكل عفوي دون أن يقصد بكأس أبي كنان فاندلقت على بنطاله… سارع أبو مروان ليصحح خطأه فمد جسمه وسحب المنشفة التي كانت في أول الطاولة ليمسح بها بنطال أبي كنان، فأوقعت صحني اللبنة والزيتون على الأرض وسقطت نظاراته في صحن المكدوس…  راح أبو مروان يعتذر وقد شعر بإحراج كبير، نهض بسرعة وبحث بعينيه عن خرقة ليمسح بها الأرض وهو بالكاد يرى بعد سقوط نظارته في صحن المكدوس، فوجد بالقرب من قدميه “خرقة” هي في الواقع كنزة أبي كنان التي كانت على طرف الكرسي ووقعت عندما نهض… دعس عليها ومررها فوق اللبن والزيت وهو يسحب نظارتيه من صحن المكدوس… حدث ذلك بسرعة فلم يستطع أحد حتى أن ينبس ببنت شفة… عندها قال له أبو كنان ماذا قلت للبقال …حقا إذا لم تحتسِ فافعل ما تشاء.