لم أعد أذكر متى بدأت بممارسة رياضة تسلق الجبال الجنونية، ولماذا. لعلها نزوة حماس تيمنا ببيت الشابي: ومن يتهيب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر…
أذكر أن قدمي قد انزلقت، وتدحرجت وكدت أسقط في هوة خطيرة، ورغم أن يدي تشبثت فجأة بنتوء في الصخر إلا أن اندفاع جسمي أفلتها، وبت معلقا فوق وهدة صخرية يحملني الحبل الذي ثبَّتُّ آخره بحلقة في مخل حديدي صغير بين شقوق الصخر، ولكنني لا أستطيع مد يدي لتطال النتوء الصخري كي أحاول الصعود من جديد… يبدو أن ذراعي قد انكسر نتيجة الارتطام ولا بد أن يسحبني أحد… صرخت بحذر حتى لا أستدعي انهيارا ثلجيا، وبعد دقائق أطل رفيقي المنافس في الصعود، ففرحت واستبشرت، ونسيت للحظات أن التنافس على جائزة كبيرة، ورأيت فيه ملاكا حنونا خاصة عندما مدَّ يده نحو الحبل…
أنا الآن أحتضر ممددا في القاع ولدي كسور في العمود الفقري، وآخر ما ارتسم في عيوني قبل أن أهوي شعاع انعكس على نصل السكين في يده الممدودة نحو الحبل… وقبل أن أغيب عن الوعي تماما بدا لي أنني سمعت هدير طائرة مروحية!