تأبين

تحدث بعض الأصدقاء عن مناقب الفقيد وأثنوا على كتاباته كمبدع شهير عن جدارة، وحين جاء دور الدكتور فالح زميله في التدريس الجامعي، ومنافسه في المجال الإبداعي صمت قليلا، ثم قال بحزم: رحم الله الدكتور فراس لقد كان صديقا وكاتبا حصل على شهرة واسعة لا يستطيع أحد أن ينكرها… ثم علا صوته: ومن أهم خصاله أنه كان موضوعيا يرفض المديح والتطبيل والتزمير، بل كان رحمه الله ينتقد نفسه بجرأة، ويعترف بفضل زملائه عليه، ويقر حتى بأنهم أفضل منه موهبة… لقد أوصاني منذ زمن بأن أنقل عن لسانه أنه كان يعتبر مؤلفاتي أفضل بكثير من مؤلفاته… تلاحقت عباراته التي يتوارى خلفها ملامح الحقد والغيرة، وأرملة الدكتور فراس تتحسر، وتتذكر كيف كانت تنصحه قائلة: “أحذر الحرباء والأفعى” … تابع الدكتور فالح: لم أكن أريد أن أذكر ذلك لكنه استحلفني بأن أقول أنه كان رحمه الله يستعير المحاضرات مني ويلقيها وكأنها له، ولم أنزعج لأني أحبه، وكان ينشر باسمه بعض القصص التي أكتبها أنا وأغض النظر لأنه صديقي، الآن لا بد من قول ذلك لكي يرتاح في قبره، لقد مرَّ في الواقع بظروف صعبة جعلته بخيلا، وكنت أحوال أن أجعله شجاعا مثلي، ولكنه نتيجة خوفه الذي يصل حد الجبن صار نمّاما يغار من أصدقائه ويشي بهم رغم أنه لا يقصد الإساءة على الأرجح، إنه لم يكن يقصد الإساءة ولكن كان يحدث ذلك لأنه ضعيف الموهبة بل هو في الواقع غريب تماما عن الإبداع، وخاصة كما يقول أهل العلم والخبرة إن قورن بالدكتور فالح، رغم أن الأمر قاس ولكن لا بد من الاعتراف بأنه كان كثيرا ما يخطئ باللغة العربية، وأضطر انا لتصحيح أخطائه، مسكين كان رحمه الله عكسي تماما كان ساذجا بليدا لا يميز… عندها لم تعد أرملة الدكتور فراس تتحمل “الموضوعية المفترضة لغاية في نفس يعقوب” وغادرت القاعة قائلة: فعلا كان لا يميز بين الأصدقاء والأعدقاء!