مرافئ الربيع والمشاعل الحزينة

مرافئ الربيع والمشاعل الحزينة

 

عيناكِ يا حبيبتي مرافئُ الربيعْ

وبسمةُ الرضيعْ

أجوبُ في بِحارها

ألمُّ مِن محارِها

وأرتمي بشَطِّها أعانقُ الظِلالْ

أقاتلُ المُحالْ

أسترخِصُ النَجيعْ

وسرتُ يا حبيبتي وليس لي شِراعْ

يقودُني الضَياعْ

بِزورَقِ السأمْ

وشاطئُ السرابْ

يلوحُ في الغيابْ ينوسُ في المَدى

فيصرخُ الفؤادْ

بصوتِ سِندبادْ

إليكِ يا حبيبتي سأقطعُ البلادَ أسبقُ الضياءْ

أهزمُ الردى

إليكِ يا حبيبتي وصرختي تعودْ

تُردِّدَ الضياعْ

فيسخرُ الصدى

لو أنَّني يا مُهجتي فراشةٌ تهيمْ

لو أنَّني ما كنتُ قبل صرخةِ السديمْ

لو أنَّني لو أنَّني رضيتُ بالقمَرْ

لو أنَّني لو أنَّني أستنشِقُ الزَّهَرْ

لكنتُ مِن ضِيائِهِ أُعمِّرُ الحياةْ

وكنتُ مِن عَبيرِهِ أُقطِّرُ الوجودْ

لِتنظريْ فتبسميْ لروعةِ الصُوَرْ

لكنَّني يا مُهجتي كآبةُ السنينْ

وصرخةُ الأنينْ

فحُبيَّ الدفينْ

مُكفَّنُ الدموعْ

بالفقرِ بالأنينْ

وعندما أبوحْ

تصحو بيَ الجروحْ

أثورُ كالغباءْ

كقُربةِ الهواءْ

كفارسٍ يخطُّ فوقَ ماءْ

معاركَ الصباحِ والمساءْ

وفجأةً… أقلِّبُ الصُوَرْ

أُنقِّبُ الحجَرْ

وأفضحُ القِيَمْ

أُجرِّدُ الأميرَ مِن عباءةِ السفَرْ

فلا أرى غُبارْ

وأمسحُ الدموعَ عن محاجرِ الهزيمَةْ

فأحلقُ الذقونَ والشعائرَ القديمةْ

وأبدأُ الطريقْ

فتنجلي كآبةُ الطريقْ

وتثمرُ النجومُ في جدائلِ النخيلْ

وتبسمُ الصُوَرْ

تزغردُ الغَجرْ

وينزلُ المطرْ

وينزلُ المطرْ

ويكبُرُ القمرْ

نحسُّ لو للحظةٍ بأنّنا بشرْ

أحبُّ يا حبيبتي أن تبسمَ الحياةْ

أحبُّ أن نعيشَ في ظلالِها أباةْ

لكنّنا نعيشْ

وغيرُنا يموتْ

ما زالَ في عروقِنا دماءْ

لكنّنا نموتْ

ما زالَ في سمائِنا ضياءْ

لكنَّما الظلامُ في البيوتْ

وعسكرُ الأميرِ في المساءْ

تخبِئُ الضياءْ

تبيعُ للقنافذِ الزيوتْ

وصاحبُ المدينةْ

يصادِرُ المشاعلَ الأمينةْ

يبجحُ الكلامْ

ويمضغُ الكلامْ

ويبصقُ الكلامْ

يصادِرُ المشاعلَ الأمينةْ

نعودُ ألفَ عامْ

ويغرقُ الظلامْ

مدينتي الكئيبةْ

وترتمي المشاعلُ الحبيبةْ

وقد غدتْ رُكامْ

لأنّني رفضتُ أنْ أنامْ

لأنَّني لهيبْ

أتيتُ كي أبيعْ

حبَّنا الرضيعْ

بمشعلٍ يضيئهُ النجيعْ

ليطردَ الظلامْ

دماؤنا أملْ

وموتُنا قُبلْ

لصخرةِ الصمودْ

لراحلٍ توسَّدَ الخلودْ

سينزلُ المطرْ

ويبسمُ الربيعُ من مدامعِ الزهرْ

كي يكبرَ القمرْ

لا بدَّ أنْ تفجَّرَ الشموسُ من جِباهِنا

لكي نحسَّ لو للحظةٍ بأنّنا بَشَرْ.