المجد للربيع
عيناك يا صديقتي بحيرتا عذاب
تودعان موكب الضياء في الغياب
ظلالها حراج
رموشها سياج
دموعها سجينة تحاول الخلاص
تسلق الشعاع
لكنها تعود للقرار
مجدافها تنهد وآه
تطوف حول كعبة حزينة المياه
إنسانها إله
وكل نظرة عتاب
سؤالها جواب
ترسو على شطآنها مراكب الرحيل
وعبر نظرة الحياة في مشوارنا الطويل
تنهل دمعتان
تبدد المرد
وحرقة الزمان
…
أعود مثل غيمة تخونها الرياح
فتسكب العطاء للصباح
أمطارها دماء
ونبتها عناء
لأنني خلقت للمساء
وجعبتي جرح
…
عيناك يا حبيبتي بحيرتا عذاب
سفائن الحنين فيهما تهدد السكون
فهدأة الأنين ربما تفجر الجنون
تحيا ليوم العاصفة
تراقب الغيوم في السماء
فتدرك المخبأ البعيد
تود لو تكون هذه البروق
رسائل العطاء
لكنما الصواعق المكهربة
تجيء في الخفاء
وتجعل الغيوم كالرداء
عرفت يا صديقتي طبائع الحياة
فهذه الغيوم لم تكن تجيء بالأنين
لكننا نضاجع الوفاء بالخداع
وهذه الصواعق الجنين
وفوق رجفة المقل
تمزق الأمل
لقاؤنا وداع
وحبنا شراع
يلوب في مرافئ الحياة
على الذي أضاع
نقتات في المساء قصة اللقاء
لكننا جياع
ونرشف الرجاء والصفاء والهناء
لكننا عطاش
لأننا لا نعرف الرياء
لا بد أن نجوع
لأن في كؤوسنا صفاء
نديمنا اللم
مدامنا الدموع
…
صديقتي أكاد أن أقول بأننا خريف
فشمسنا تجمدت، تخثرت كقطرة الدماء
ولم تزل بيادر العطاء
تعيش دون صيف
وألف شمعة حزينة تنام فوق جرحها
تنام في الرصيف
وحلمها رغيف
كأن نبض هذه اللوب
وريده صقيع
فهل هناك يا صديقتي ربيع
سمعت ذات مرة بأنه يزنر الحياة
يطرز الوجود وشيه ونحن لا نراه
وينشر العطور من غصون صدره
ونحن صدرنا مغارة لآه
الحب في بلادنا حرم
نعيش وسط شارع الضياء والزحام
وحبنا يعيش في الظلام
كمعبد كخيط عنكبوت
ونحن يا صديقتي لو أننا نريد
نمزق الوجود
وننسف الوجود
لنخلق الوجود من جديد
…
أراك فوق سوسنة
على طلول مئذنة
أراك فوق سنبلة
تبرعمت تفتحت وأزهرت
على ضريح قنبلة
أراك قرب جدول خريره غناء
بليلة رطيبة ومقمرة
فأرشف الضياء
أشده، يشدني
أضمه، يضمني
وأنحني بنشوتي فينحني
لأنثره
كزقزقات قبره
صديقتي لو أننا نريد
نعمر الودود من جديد
فليس في دروبنا محال
وحين تقسم الرجال
يبرعم الحديد
فودعي سحابة الدموع
ونوري فنحن يا صديقتي شموع
لهذه الطريق
لكي تعود شمسنا منيرة ومحرقة
سنزرع الطريق
بكل خطوة رفيق
فحلمنا بقلعة منيعة معلقة
بنجمة بعيدة وشاهقة
وحوله الذئاب والكلاب
وحية كبيرة خطوطها منمقة
دروبنا طويلة طويلة وصعبة وشائكة
مخيفة ومرهقة
خلاصنا صديقتي بمنجل ومطرقة
