الشاعر شوقي بغدادي
في البداية تحدثت مديرة المركز الثقافي العربي في المزة وكذلك الأستاذ شوقي بغدادي عن تحدي الجمهور للطقس العاصف العجيب الذي حل بدمشق تحديدا قبيل الأمسية بنصف ساعة تقريبا واستمر حوالي الساعة… ومما قاله شوقي ” كنت أخشى مع أيمن ألا يحضر الناس نتيجة هذا الطقس الرهيب، والرائع أنهم تحدوا الطقس وجاؤوا ليسمعوا الشعر هذا شيء جميل، هذا يعني أن دمشق لم تزل بخير”
لكي أقدم أيمن أبو الشعر أنا شوقي بغدادي، علي أن أربط بين جيلين بينهما عشرون عاما تقريبا من العمر ولكن مع ذلك فإنني أشعر عندما أصغي إلى أيمن وكأنني أصغي إلى نفسي كأنني أرى التاريخ لا يكرر نفسه بالضبط ولكنه يتحدى بالطريقة ذاتها يتحدى صراعات معقدة سياسية واجتماعية و واقتصادية وثقافية كي يقدم لنا رموزا شعرية من نوع خاص مهمتها أن تقول للناس ثقوا بأنفسكم احملوا رايتكم عاليا تحدوا فأنتم بثقتكم بأنفسكم وبروحكم الطيبة قادرون أن تغيروا العالم ربما تحت هذه الشعارات الكبيرة ربما لا تصدقونني وتقولون ماذا صنع أيمن أبو شعر وقبله الشعراء الملتزمون؟ … لقد صنعنا أشياء كبيرة تبدو الآن فقط صغيرة، ولكن باعتقادي أن بعد رحيلنا سيعيد التاريخ النظر فيها ولهذا السبب أقول لأيمن أبو الشعر عزيزي أيمن جئت في زمن غير مناسب نحن جئنا في زمن مناسب جدا كل الدنيا كانت معنا وكانت الدنيا كلها ضدك كنا نعتقد أننا أن تغيير العالم قاب قوسين أو أدنى أو في يدنا والآن يتحدثون عن نهاية التغيير نهاية التاريخ كيف يستطيع شاعر مثل أيمن أوب الشعر يملك حساسية خاصة ترشحه لأن يكون في الطليعة دائما وأن يتحدى ويتحدى وهو شبه وحيد كل ما هو غير شعري في هذا العالم
أيمن يمكن أن ننسبه إلى جيل السبعينات أذكر أنني أول ما سمعت به كنت مدرسا في الجزائر فأذكر في إحدى حدثوني عن شاعر شاب اسمه أيمن أبو الشعر يحمل عوده ويمضي به إلى الريف ويغني أشعاره للفلاحين فذكرني بالتروبادور بالشعراء المنشدين بالجاهلية وبالموشحات… إذن بدأ أيمن غير ما بدأنا نحن ومنذ البداية كان مختلفا، فحين قرأت له ديوانه الأول بالنسبة لي وكان صندوق الدنيا وقد صدر بداية السبعينات عام اثنين وسبعين كما أذكر وقبل ذلك صدر ديوان واحد. لاحظت أنه صوت متميز يحمل في آن واحد تقاليد التراث العريقة من حيث البيان الرهيف من حيث الصياغة الشعرية في حفاظه على الإيقاع في حفاظه على التغطية السهلة وفي آن واحد يحمل مغامرة الحداثة ويربط بينهما ربطه الخاص وخاصة من خلال عملية التخييل أي الصورة الحديثة المبتكرة وطريقة المعالجة الدخول إلى الموضوع فإذا كان الدخول إلى الموضوع في الخمسينات… نحن كنا نهجم على الموضوع مباشرة هكذا نأتي إليه، شعراء السبعينات صاروا يأتون إلى الموضوع بشكل موارب أكثر خفة أكثر شفافية ثم يمرون بدروب متعرجة لذلك يبدو شعرهم أكثر غموضا ولكن ليس هو الغموض المغلق من يقرأ شعراء السبعينات وأعتقد أن بعضهم موجود هنا في هذه القاعة كعبد القادر الحصني يقرأ شعرا يشبه وجه امرأة جميلة تضع على وجهها نقابا ولكنه شفاف هذا الشعر هذه الحداثة ( الشعر الحديث الغامض) تحولت إلى امرأة لا نعرف هل هي جميلة أم قبيحة لآن النقاب الذي على وجهها صار صفيقا جدا وما أكثر ما نرفعه فنجد ياويلتاه شعرا لا يطاق. شعراء السبعينات استطاعوا أن يدخلو الشعر (بشكل آخر) هذا الجيل اللطيف وكان أيمن أبو الشعر يشق طريقه ولكن دائما مختلفا وهكذا ديوان بعد آخر بدأ يسطع نجم جديد من شعراء الالتزام الجديد وصارت الجماهير تردد اسمه ولكن للأسف للأسف ربما لظروف الحياة لا أدري ترك أيمن البلاد وغاب عشرين عاما غاب عن منابر دمشق وأجواء دمشق والآن يشعر أيمن أنه يبدأ من النقطة التي بدأ منها ولكن أبشره فأقول له طالما تجد أمامك هذا الوفاء الذي يدفع الكثيرين لتحدي الطقس والظروف والمجيء لكي يسمعوك أن اسمك موجود حاضر وأن باستطاعتك أن تتابع وليس أن تبدأ. فلنصغ إليه فأنني شديد الفضول لأن أصغي إليه.