كروبسكايا

نادجدا تختارُ المنفى

حيثُ الدمعة صارتْ منظاراً

والجفنُ شراعاً والإشعاعُ المنعكسُ

دروباً ترسمُ لون اللهفةِ نحو فَلوديا

ها أنتَ إليتشُ المرفا

نادجدا تختارُ المنفى

حيث الآمالُ تُخمَّرُ بالعشقِ وتتحدُ

بلحظةِ وصلٍ كلُّ الأبعادِ المرجوَّةِ

يصبحُ نبضُ القلبِ الخطوَ

بدربِ الرفضِ وتنفجرُ النظرةُ

كالقنبلةِ الموقوتةِ في صالاتِ القيصرْ…

والرعشةُ في أوَّلِ قبلةِ توقٍ

تغدو مشروعَ الكهربةِ لكلِّ البلدانِ

بحلمِ فلوديا

كان المعبدُ كوخُ الفلاحِ الخالد زريانوف

وكانت نادجدا كاهنةَ المعبدْ

تحملُ مبخرةَ المستقبلِ

في الكرّاسِ الأولِ حولَ المرأةِ

تتخلَّقُ من رحِمِ الأرقامِ مداراتٌ

يلتفُّ الزمنُ يقلِّصُ أبخرةَ الوقتِ

يطلُّ علينا في هذا العصرِ

سفينا… فالنتينا … نادجدا فالنتينا

صارَ المؤتمرُ الأولُ للعمالِ طيوراً

بين حنايا كروبسكايا

صارتْ أوردةُ الخصبِ مشاويراً ومداعبةُ

الوجهِ الطافحِ بالألَقِ الخططَ

لجيشِ الفرحةِ… هذا اللمسُ الملتفُّ

مع التكويرِ على الخدِّ يُكثَّفُ في اللاوعيِ

ليغدو ذاتَ مساءٍ خطاً منحنياً يرسمُ

دربَ فصائل عمالٍ … والضمُّ يولِّدُ دائرةَ حصارٍ

في خارطةِ الزحفِ الجامحِ … تحتار الرؤيةُ

فوقَ حبينكِ هل هذا تلويحُ الرايةِ أم خفقانُ

الخصلَةِ مِن نَفَسِ العاشقِ في شَعرِ الغرَّةْ

يا وجهاً يحتضنُ حنينَ الثائرِ

أنتِ ملفُّ العشقِ لتاريخِ الثورةْ

يا رفَّةَ عصفورٍ حضنتْ في الأجواءِ

شموخَ النسرِ فسكبَتْ في عينيهِ

بريقَ المستقبلْ…

كلُّ الرعشاتِ

الهمساتِ… الضحكاتِ… انسابتْ زقزقةً

في الأعصابِ فصارتْ تحديقَ النسرِ

لغدِنا الأفضلْ

ما أروع حُبّاً جمعَ هديرَ البحرِ ورقةَ جدوَلْ

علَّمنا حُبُكِ ألا نبكي ألمَ البُعدِ

وكيفَ نُحوِّلُ قلباً مُلتهباً بالشوقِ

إلى مِشعلْ

علَّمنا حُبُّكِ كيف يصيرُ النزفُ مِداداً

أمميَّ اللونِ وكيفَ الجرحُ وساماً يتبدَّلْ

كيف تصيرُ دموعُ الحزنِ لآلئَ فَرْحٍ

تمنحُ للأحداقِ هدايا

كروبسكايا

ها إني أمسكُ بالقلمِ لأكتبَ عنكِ وعنهُ

فيتحدُّ القلمُ بلحمي

يتَنامى زندي جذعَ شحرةٍ

تمتدُّ أصابعُ كفي في الصفحاتِ جذوراً

ترتشفُ الخصبَ ويسري في أورِدتي

بتزامنِ خطوُ استعراضِ النصرِ

ولينينُ يهزُّ يديهِ لِمجدِ الإيقاعِ القادمِ

من أقدامِ الثوارِ أحسُّ دبيبَ النملِ

بأعصابي … تثّاقلُ شفتي … وأحدِّقُ

فإذا أوباري انتصبتْ فوقَ الجلدِ سَرايا…

وبقايا العرقِ النديانِ على جَسَدي

حوَّلَ كلَّ مساماتِ الجلدِ مرايا

تتضحُ وئيداً تعكسُ وجهَ كروبسكايا

كروبسكايا

أويقدرُ شاعرْ

أن يتغَّزلَ

أن يتمرّى في ضوءِ عيونِكْ

صحوُ التاريخِ ببرقِ جفونِكْ

كنتِ فكانَ الحُبُّ سلاحاً برقاً

أغنيةَ البحارةِ ومض حرابِ الجيش الأحمرْ

كنتِ فكانَ الحرفُ رحيقاً في شفةِ

التعبيرِ نُحِسُّ مذاقَ الحُبِّ الخالقِ

لكنَّ رضابَ الثغرِ يُذيبُ السُكَّرْ

كيفَ الحرفُ تبخَّرْ

يتلاشى العطرُ بُعيدَ الفوحِ ولا يفنى

فعبيرُ الزهرِ يصيرُ النشوةَ حين

يفوحُ من الباقةِ

وبدفءِ الحُبِّ المأسورِ بأصفادِ

الجسدِ علاقةْ

ويضجُّ رحيقاً خلْقاً يتنامى حينَ يُحوَّلُ

توقُ الوصلِ إلى طاقَةْ

كيفَ تخلَّقَ هذا الحلمُ بقلبِ العاشقِ

صاغَ البسمةَ للأطفالِ وكنتِ

البسمةَ فوقَ جفونهْ

كيفَ اختزنَ الصاعقةَ الورديةَ يومَ

الأحدِ الدامي… كنت الضوء الكامن

خلف عيونِهْ

ما شكلُ خطوطِ يديكِ

ريحُ الثورةِ صارتْ مشطاً حينَ

ضفائرُكِ امتدتْ أفقاً في عينِ الجبلِ الشاهقْ

كروبسكايا

أتغارين؟

ويبسمُ ثغري كيفَ تغارُ عشيقةُ أكبر عاشقْ

حين المهرُ الخاطبُ ودّاً مشنقةٌ نفيٌ وسجونْ

حينَ الوصلُ تظاهرةٌ

حينَ الغزلُ خطابٌ ثوريٌّ للعمالْ

يكونُ الحبُّ زهورَ دماءٍ

ويكونُ العُشّاقُ هم الأبطالْ

وغداً نحكي للأطفالْ

عن حُبِّ الإعصارِ حكايا

كروبسكايا…

مُدّي لي من صرخاتِ القهرِ نشيداً

وطني ينسابُ مع الألحانِ المجلودةِ بالأشعارْ

مدّي لي مِن أوردةِ الحزنِ دماءً

ترسمُ أحداقَ العزمِ نزيفاً حلواً

وتُغنّي لي حينَ النعشُ مواكبُ عرسٍ…

والقبرُ سريرُ وصالٍ للثوارْ

يا عاشقةَ الخصبِ تهجَيْ أحرفَنا

المكويةَ بهجيرِ القحطِ لعلَّ رمالَ

الدربِ تُفتَّقُ عن سنبلةٍ أنثى

تمنحُني زادَ الرحلةْ

مُرّي بخليةِ أرضي كي تتعلمَ كيفَ

يصونُ العاشقُ أهلَهْ

كي تتعلمَ أنثانا أنَّ الشهدَ

هويةُ خصبِ النحلِ وليسَ اللدغُ

هويةَ نحلةْ

مُرّي كالمُزنَةِ فوق صحارانا الموطوءَةِ

بالريحِ العفويةِ والخصبِ المشروطِ بواحاتِ الخُطبةْ

كي تتعمدَ بالعشقِ الطفليِ الماطرِ

رعشاً ألقاً يا أرحامَ الدربِ سألتُكِ

جودي بهويَّتِها المرسومةِ في أحداقِ المُطلقْ

آنَ بأنْ تتمخضَ قسوةُ هذا الليلِ جنيناً فجريَ

الزندِ ورِمشاً سيفيَّ الحدِّ

يملُّ العاشقُ قلبَهْ

ما دامتْ نبضاتُ الشوقِ هي الغربةْ

إنّي أتضرعُ أن يغدو رحمُ ندائيَ

غمداً

كي أتصبّى وجهَ الغزَلِ

صراعاً ويكونُ وليدُ وصالكِ حربهْ

ها إنّي أتوضّأ بالحزنِ الرافضِ

والفرحِ النابضِ عل ندايا

ينسابُ حميماً كغبارِ الطلعِ

يُخلِّقُ وجهَ كروبسكايا

كروبسكايا

ها إنّي أتفيءُ في ماضيكِ

مُدّي لي يا أغصانَ الدربِ يديكِ

كروبسكايا

ما أصدقَ دمعي حين أُصلي في كفيكِ

كروبسكايا

ما أحوجنا الآنَ إليكِ

 

  • نادجدا كروبسكايا زوجة ورفيقة لينين
  • فلوديا تصغير اسم فلاديمير للتحبب
  • زريانوف الفلاح الذي التقت كروبسكايا ولينين في بيته عندما لحقته إلى المنفى
  • فالنتينا رائدة الفضاء السوفييتية فالانتينا تيرشكوفا
  • المؤتمر الأول للعمال هو المؤتمر التأسيسي للحزب الشيوعي السوفييتي 1898
  • المقصود بأغنية البحارة هو انطلاقة الثورة من خلال الباخرة الحربية “أفرورا” التي كانت طلقتها إشارة إلى بدء الثورة
  • الأحد الدامي
  • أو الأحد الدموي وهو ثورة جماهيرية عارمة انطلقت في 9 كانون ثاني عام 1905 وسقط فيها عدد كبير من الشهداء
  • إشارة إلى وعد لينين لكروبسكايا حين عبر لها عن حبه