بقلم: أيمن أبو الشعر
راحِـلٌ هـذا الْـحَنـينْ
عَبْـرَ أنْـفاقِ السِّـنـينْ
هَـدَّهُ التَّجوالُ بَـينَ الوهمِ والأشْـباحِ
وَالْـحُـلْمِ الْـقَـتِـيلْ
فَوْقَ أشْـلاءِ الْـحَكايا وَالأمانيْ
بالَّـرحيـلْ
نَـحْوَ حُبٍّ كانْفِـجارِ الْـخَلْـقِ في
الْـبَدْءِ السَّـديـمْ
كُـلَّما أرْداهُ نَـصْلُ الْبـَرْدِ دَفَّـا
الروحَ برجعُ الأُغْـنِـياتْ
عَـنْ لِـقاءٍ يَـسْـتَـعـيدْ
رَوْعَـةَ الأحْـلامِ مِـنْ أحْـداقِ عِـيدْ
ثم يَكْـبو يَـتَوارى بِالأَنـينْ
يَـمْسَـحُ الْـوَجْـهَ بِـجَمْرٍ مِنْ جَليدْ
ثم يَـمْضي مِـنْ جَـديـدْ
باحِثـاً عَنْ كُوخِ دَرْويْـشِ يَـفُكُّ
الـَّرصْدَ قِـديْساً تمَاهىْ
في جُـنونِ الْعِشْـق حتى صـارَ
شَـمْعاً شَـعَّ لم تَـمْسَسْـهَ نارٌ
مِـثْلَ قِـنْديلٍ تَـجَلّى الصَـدْرُ
شفافاً وَقَلْبٌ خافقٌ في هالَـةِ الـنِّيرانِ
ما فَـوْقَ الْـفَـتِـيلْ
…
أنْتَ مَوْلايَ أَجِـرْنـيْ
فُكَّ رَصْـدَ الْبَـرْدِ عَنْ قَـلْبي وَعَنّـيْ
قَدْ كَفانـيْ مـا اعْـتَرانيْ
… مـا رآني
كانَ يَـذْويْ في ابْـتِهالِ الْـعاشِـقِ
الْـمَقْتولِ كَيْ يُـحْيي بَـقايا
الـنَّـبْضِ في الْـعِشْقِ الْـقَتِـيلْ
… سَـيِّدي يا سَـيِّدَ الْـعُشَّاقِ هِبْـنيْ
رَعْشَـةَ الْـحُبِّ السَّعـيرْ
هُـزَّنيْ وَانْـفُضْ غُبارَ الْـقَبْـرِ عَنـِّيْ
وَالـمَساحيـقَ الْـحُنوطْ
اشْعِلِ الـنِّيرانَ في قَلْبيْ فَصَدْريْ هَـيْكَلٌ
غَطَّـاهُ خَيْـطُ الْعَنْكَبوتْ
سَـيِّديْ أوْ فـاغْـرُسِ الْـكَـفَّينِ
في جَـوفيْ سِراعاً شالِـعاً
قَـلْبي الـصَّموتْ
فَأنا مازِلْتُ أعْدو لاهِـثاً كَالْـمُسْـتَجيرْ
خَـلْفَ كُيوْبـيد الَّـصغيرْ *
ضارِعـاً لِلطِّـفْلِ أنْ يَرْميْ
سُـوَيْداء الْـفُـؤادْ
راِسماً في الـصَّدْرِ داراتِ السَّوادْ
حَـوْلَ قَـلْبِ الْـقَلْبِ كَيْما لا يَـحيدْ
وَهْوَ يُـخْطي قـاصِداً رَمْيَ السِّهامْ
تارِكا قَـلْبي كَصَنْجٍ مِنْ نُـحاسْ
تَـحْتَ قَوسِ الْوَقْتِ يَشْدو بِالـَّرنينْ
حينَ يَغْشاهُ الـنُّعاسْ
وَهَراواتُ السِّنينْ
لم تَزَلْ تَنْهالُ عاماً اِثْـَر عامْ
ثم يصحو مُرْهَفاً تَـحْتَـلُّ ميلادَ الحنينْ
طلسما جِنِّـيِّـةُ العشقِ الـَّرهـينْ
تَتَراءى كُلَّ حينْ
تَـخْتَفيْ في كُلِّ أينْ
وَهْوَ يَـمْضيْ خَلْـفَها في الْـحُلْمِ يَرْنوْ
عابِداً وَسطَ الْـوِهادْ
كُلَّما أَوْغَلَ في الـُرؤْيا إِلَيْها ثم كادْ
أنْ يُداني وَجْهَها نِصْفَ الْـهُلامْ
صَـفَعَـتْـهُ الشَّمْسُ بِالصَّحْوِ الـَّرتيبْ
وَنأتْ عَـْنـهُ الأساطيرُ التي تبدو
كأسرابِ الْـحَمامْ
وَضَجيجُ الشّارِعِ الْـمَحْمومِ يَعْلوْ
كَالـنَّـحيبْ
في صِياحِ الْباعَةِ، الأسواقِ،.. خلقٌ،
شاحناتٌ، وزعيق ..
وَيَضِيعُ الْوَجْـهُ ما بَينَ الـَّزحامْ
…
سَيِّديْ يا سَيِّدَ الْعُشَّاقِ اني بِتُّ
في الَّلاوَقْتِ ألْقاها
وَأدْريْ أَنـَّها في الَّلامَكانْ
حالِـماً أنْ تُشْعِلَ الْبُـرْكانَ أُنْثى
مِنْ مَدى الأَسْرارِ أَلْغازاً
تَـفـوحْ
غَيْـرَ أنـِّيْ في انْتِظارِ الْـوَمْضِ
أحْـَرقْتُ الـُزيوتْ
وَاقْتَـرَفْتُ الْعَيْشَ في دِفءِ الْـبُيوتْ
وَاحْتَمَلْتُ الَّلغْوَ في طاحونَـةِ
الأخْبارِ وَالسُمّارِ
وَالْـوَجْدِ الطَّموحْ
وَرَجِعْتُ الْيَومَ تَغْشاني الْـقُروحْ
موجَعاً كالنِّسْـرِ مَكْسورِ الـجَّـناحْ
لِغُيومِ الأُفْـقِ قُمْصانُ الـِّرياحْ
وَأنا إِعْصـارُ تَـوْقٍ لا يَـبوحْ
مارِدٌ مِنْ زَبَـدِ الْـعِشْقِ الـجَّموحْ
فَمتى يَظهَـرُ في الأُفْـقِ الْـمُحيطْ
وَمَتى تَلْـتَفُّ رُوحيْ في عِناقِ
الـزَّوْبَعَـهْ
أَتَشَظَّى مِثْلَّما الْـفـينـيقُ يَعْـلوْ **
لِوِصالِ الشَّمْسِ.. بِالنـيرانِ
يُـحْييْ أْضلُعَـهْ
وَمتى تَـنْسـاحُ كُـثْبانُ الـجَّـليدْ
ضُقْتُ ذَرْعاً مِنْ كُوَى الْـخُلْجانِ
وَالشُّطـآنِ وَالـَّرمْلَ الْـبَليـدْ
سَـيِّدي يا سَـيِّدَ الْعُشَّاقِ قُلْ ليْ
أيْنَ ألْقاها لأمْضيْ
خَلْفَ أَعْناقِ الـجِبالْ
في كُـهوفِ الـُّرعْبِ وَالـتِّـنينِ
وَالسِّحْرِ الْـعِضالْ
حامِلاً في كَـفِّيَ الْيُمْنى – تَدَلَّـى–
رَأْسَ ميدوْزا ***
وَبِالأُخْرى أُداريْ
زِنْدَ تَـمُّوزَ الْـوَليـدْ ****
…
فَبَكى الـدَّرْويشُ ثمَّ اسْـتَلَّ مِنْ
غِمْدِ السُّكوتْ
نَصْلَ أسْراِر الْـخُفوتْ :
… مَنْ يَعِشْ حُلْماً طِوالَ الْـعُمْرِ
بَـحْثاً عَنْ هَواهُ الْـمُسْتَحيلْ
فَهْـوَ بَـحْثاً سَـيَموتْ
* العنقاء: (طائر الفينيق) طائر خرافي مصري الأصل يخرج من رماده حيويا متجددا يصوره قدماء المصريين على شكل لقلق ضخم وفي اليونان على شكل نسر ويقال أنه يعود الى مصر كل 1461 عاما فينشئ عشه وحين يموت يولد منه طائر جديد ويقال كذلك أنه يحرق نفسه بتطاوله نحو الشمس أو في عشه ليخرج فرخه الجديد من رماده أو ينقر صدره بمنقاره الحاد حتى يخرج خلفه ثم يخلد هو للموت.
** كوبيد: هو كوبيدون اله الحب عند الرومان , وهو ابن فينوس يتم الحديث عنه عبر أقاصيص عديدة مثيرة أشهرها قصة حبه لبسيكاي التي تمثل (النفس) وتعبر عن قدرة الحب. وقد صورته تماثيل ما قبل الميلاد فتى مراهقا مجنحا، وأحيانا غير مجنح، وصوره الهيلينستيون طفلا، وعرف عنه أنه يرمي سهام الحب في القلوب فتشتعل عشقا.
*** ميدوزا: وحش اسطوري من الغورغونات التي ترمي الرعب في قلوب الناس وهي على شكل سحلاة كبيرة شعرها من الأفاعي ولها قدرة خارقة تحول من ينظر اليها الى حجر. وقد قتلها البطل الأسطوري بيرسيه (بيرسيوس) بمساعدة أثينا حيث كان يترصد بها وينظر اليها من خلال ترسه المصقول وليس بشكل مباشر، وذلك لإنقاذ حبيبته (أندروميدا) التي كانت تقدم ضحية لوحش خرافي هائل حيث أظهر بيرسيه رأسها المقطوع فتحول الوحش الى حجر وتصدع. وقد أثبتت أثينا رأس ميدوزا على درعها ليزداد مناعة .
**** تموز: آلهة الخصب والربيع يعود من باطن الأرض ليعيد الدفء والحياة إلى الطبيعة بعد رحلته المريرة.