تَعازينا
بِكلِّ سيوفِنا الحمقى
بِكلِّ جِراحِنا الْهُدرتْ شَرايينا
بِكلِّ دموعِنا الْسَكبتْ مآقينا
هُنا ميلادُ فاجِعتي
هُنا تاريخُ أغنيتي
هُنا صوتي تَقمَّصني
هنا لُغتي
هُنا أرجوحَتي الأشهى
هُنا لُعبي
هُنا ميلادُ أشرِعَتي
هنا أشعلتُها شُهُبي
لآفاقٍ تُمَجِّدُ ذروةَ التعبِ
هُنا دربي هُنا آثارُ قافِلَتي
هُنا ألقٌ يُعذِبني
لِمجدِ القادمِ الآتي معَ الغضبِ
فإنْ لم أنغرسْ وشْماً على زنديكَ يا وطني
فكلُّ قصائِدي جثثٌ
وكلُّ مَشاعِري عبثٌ
مِنَ الأوهامِ منبعثٌ
كفرقعةٍ مِنَ الشغبِ
وكلُّ حنينِ أشعاري كلغوِ الوعدِ في الخُطَبِ
تعازينا… تعازينا
فَجُلُّ جراحِنا من طعنِ أيدينا
بلى أخطاؤنا فتحتْ لنابِ ملاسةِ الأفعى
كوىً للدغِ والعطبِ
بلى اخطاؤُنا وضعتْ
بيوضَ المكرِ في عشٍ من الزَغَبِ
رؤى أجلٍ
على عجلٍ
وما يُجدي أنينُكَ والصراخْ
بهِ قد فقَّسَ الثعبانُ فالتهمَ الحمامةَ والفِراخْ
بلى أخطاؤنا جِيَفٌ روائِحُها غَزَتْ أنفَ المَناخْ
حشودُ البومِ والغربانِ تنعقُ في مسامِعِنا
بأن الطاعةَ العمياءَ أنْ نغتالَ وادينا
وأن نَسبي أهالينا
لكي نَنسى أغانينا
هنا أعجوبةُ العَجَبِ
نصالُ أحبةٍ تُفري عروقَ النبضِ والعَصبِ
سكاكينا سكاكينا
خناجرُ تَسندُ الأعناقَ مكرمةً مِنَ النسبِ
ومعتوهونَ منبوذونَ كالأوباءِ والعطبِ
أتوا ليعَلِمونا أنَّ قتلَ الجارِ والخلانِ أشهى من تَعانُقِنا
وأن القحطَ يعلو فوقَ نطقِ الماءِ ملئَ حناجرِ السُحُبِ
أتوا ليعلِمونا أنَّ رملَ البيدِ والصحراءِ أنقى من حدائِقنا
وأنَّ خلاصَنا الروحيَّ يصفو في حرائِقِنا
وأنَّ مَذاقَ نَضْحِ بعيرِهم يشفي
وأطيبُ من رحيقِ الشهدِ والعنبِ
هنيئاً رهطَنا المرسوم كالقُربِ
أمَا قد آنَ أنْ نُقصي عن الجذرِ الأصيلِ
تَعفُّنَ الأوهامِ والدَجَلِ
فقد رواهُ من دمِهم بواسلُ أوغلوا في تربةِ الأملِ
لكي تنمو غداً أغصانُ آتينا
محملةً بتوتِ الحبِّ والقُبَلِ
صُدورهمو عَدَتْ في ساحةِ الأرماحِ أحصنةً
دروعاً من نصالِ الموتِ تَحمينا
زغاريدُ الأراملِ والثكالى حاملاتِ النعشِ صنو الأنبياءْ
غَدتْ طقساً ومأثرةً تواسينا
وأمنيةً بأنْ صُنْ شامخاً وَطني
صداها في حدودِ اللهِ آمينا
هنا أرضُ القداسات ِ
بلادٌ بعضُ أزمانٍ أميراتُ الحكاياتِ
ونُبلُ الشامِ توَّجَها كسيدةِ الأميراتِ
فإنْ ماسَتْ ضفيرتُها لَشَعَّتْ بانتماءِ
تلوِّنِ الفرحِ
بها خُصلاتُها ضَفَرتْ عطاءَ تنوعِ
اليخضورِ منسرحِ
تُزيِّنُ أفقَنا ألقاً بأقواسٍ مِنَ القُزَحِ
لسانٌ علَّمَ التاريخَ أحرفَهُ
بها زنوبيا خطَّتْ سطوراً من حضاراتي
جراحُكِ درسُ حاضِرنا وماضينا
فليسَ سواكِ من مَولى
فداكِ الروحُ مولاتي
قبورُ الأوفياءِ تفُاخِرُ الدُنيا بما ضمَّتْ جَثامينا
تسامَتْ فوقَ صدرِ الأرضِ أوسمةً نَياشينا
فكيفَ نقولُ قد رَحَلوا وَهَم وَصَلوا
جبينَ القِمَّةِ الأعلى قَرابينا
لصونِ نسائمِ الوطنِ مِنَ الطاعونْ
هُمو الباقون
همو الآتون يوم النصر أعلاماً وأشعاراً
تُزينُ أفقَنا صُبحا
هُمو الآتونَ حقاً من حَنايانا فَهم فينا
أوانَ يصيرُ طهرُ العشقِ معبدَنا
ولحنُ إخائِنا دينا
سنركعُ عندَ أقدامِك
نباركُ باسمِكِ الصرحا
نُباهي الكونَ من علياءِ إقدامِك
بمَن ضحَّى
لكي يزهو جبينٌ عزَّ أن يُمحى
بمجدِ مآثرِ الشهداءِ والجرحى
رياحينا رياحينا
لنا التاريخُ قد أوحى:
سيأتي يومُ عرسِ النصرِ… يا مَرحى
ونهتفُ من وجيعِ القلبِ – يا قلبي – تَهانينا