أنا الياسمينُ الحواري
وجوريُّ خدِّ النهارِ
شميمُ الندى في ترابِكْ
وتهويمةُ العشبِ بعدَ المَطَرْ
ونارنجُ دارِكْ
إذا ما تَمرَّى بضوءِ القَمرْ
قناديلُ كبّادِكِ الحلوِ عندَ السَحرْ
مواعيدُ خصبيِكِ في النبضِ برقُ
لفجرٍ جديدٍ وشعبٍ سعيدْ
بزندٍ بلا مطرقاتٍ
يَدُقُّ الحديدَ الرؤى إذ يَدُقُّ
سلاماً – مواعيدَ قلبي- دمشقُ
******
نزفتُ ارتحالاً كثيرا
ومتُّ احتمالاً كثيرا
وبرعمتُ وسطَ الزنازينِ حتى
تمنيتُ أُنساً بوحشِ البراري
لكي يكبرَ الطفلُ فُّلاً وظِلاً بوهجِ الشعارِ
فكم قاتلوني لكي أنزعَ الصخرَ من ساحِلَيهْ
لتنموْ مكانَ الصخورِ الطحالبْ
وكم ساوموني عَلَيهْ
ليغزوْ العصافيرَ سِرْبُ العقارِبْ
فعلَّقتُ روحي بكلتا يديهْ
وسطَّرتُ خفقيْ على راحَتيهْ
ولكنَّني حينَ قالوا:
لنصفينِ طفلُ الهوى فليَشقُواّ
هتفتُ احْتراقاً خُذوهُ انعتاقاً سليماً مُعافى
سيشتدُّ يوماً ويهديهِ عِشقُ
وما كانَ بيني وبينَ احتِضاري
سوى مجدِ عينيكِ يُعليهِ برقٌ ويجليهُ أفقُ
سلاماً مواعيدَ قلبي دمشقُ
********
حنانيكِ هل تذكرينَ التياعيْ ورفضيْ
وعندَ الحواجز
تباريح جُرحي ونبضيْ
إذا باتَ جوريُّ روحي من النزفِ أبيضْ
وإن ياسمينُ البياضِ المُندّى
أريجاً، عقيقاً تبدّى
بغصنِ الهوياتِ كالنارِ أومَضْ
وإن كانَ جفنيْ من القصفِ أغمَضْ
تُرى تعرفينَ انتصارَ انكساري
إذا جئتُ عِطرا
بعيداً عن اللونِ عندَ الحواجزْ
وحُباً وطُهرا
يفوحُ الصلاةَ انتماءْ لهذي الدِماءْ
فربَّ استطعتُ الوصولَ ارتعاشاً وصَبرا
إلى حشرجاتِ الوداعِ النِداءْ
وبينَ الشهيقِ المُكابِرْ
وبينَ الزفيرِ المُغادِرْ
سآتيكِ بوحاً مُغايرْ
وأمتدُّ جِسرا
لكي يورقَ الخضبَ في القلبِ دفقُ
سلاماً – مواعيدَ قلبي – دمشقُ
*****
ولستِ المُسمّى حدوداً فأنتِ المُرادْ
تضاريسُ قلبي وينبوعُ حُبي
ونبضُ السَّنا في عروقِ البلادْ
وشعرُ الزمانِ بماءِ الذَّهبْ
مقاديرُ مجدِ الهوى أن تكوني
غماماً على خارطاتِ اللهبْ
فأنتِ التماعاتُ حمصَ العديَّةُ
وكم ليْ بِها من نَدامى
وكم ليْ بها من أرَبْ
وأنتِ حَماةُ الطهورْ
تبثُّ النواعيرَ تاريخَها في أنينِ الخشبْ
وأنت التي عاجُها برجُها تاجُها في الرجاءِ حلبْ
وفي الأفقِ غيمٌ سيكفي لرعدِ الحِسابْ
وفي الوقتِ وقتٌ سيكفي لفتحِ الكِتابْ
وفي الأرضِ حقلٌ لقمحِ العَتَبْ
فهذا زمانُ الضَمادْ
أوانَ التنادي لوأدِ الأُوارْ
وليسَ التنادي لجمعِ الحطبْ
فيا مَنْ سلكتُمْ دروبَ الغَضبْ
رويداً على عنقِها الغضِّ كم عانقتكمْ
بأهزوجةٍ مِنْ بريقِ النقاءْ
رويداً على نهدِها البضِّ كم أرضعتكمْ
رحيقَ الوفاءِ ندى الكبرياءْ
أنا أنتَ يا قاتِلي في جنونِ الدِماءْ
وأُمي التي وزَّعتْ بيننا لقمتين
على سُفرةِ الفقرِ أمُّكْ
وكلَّ صباحٍ وكلَّ مساءْ
تُغني البراءات في وجنتيكْ
تُصلي كثيرا لكي ينبتَ الظلُّ في شاربيكْ
وأنتَ الخِيارُ.. حبيباً لها إنْ تَرِقُّ
وأنت الخٍيارُ.. دماراً لها إنْ تَعِّقُ
وأنتَ المُسجّى على حُفرتينْ
سواءٌ إذا متَّ للقلبِ حَرقُ سلاماً – مواعيدَ قلبي – دمشقُ
*****
يعيدُ الثنائيُّ وسطَ التضادْ
كلاماً يُماثِلْ
بكلِّ الإداناتِ حتى الفواِصلْ
فبعضٌ عويلٌ وبعضٌ صدى:
همو الشوكُ
همو الضنْكُ
همو الفتْكُ
فمن هُمْ هُمو؟
بِموتِ السُدى سوى كُلكمْ أنتمو
جراحٌ هنا مثلُ سربِ الجرادْ
وأشلاءُ زنديكِ في كلِّ وادْ
وجمرُ الثعابينِ تحتَ الرمادْ
وشتلاتُ نارٍ ستُفني وتفنى
وأنيابُ ثارٍ بلحم القرابينِ تلهو
ولن تُبقيَ النارُ فينا شُحوماً ودُهْنا
توقفْ قليلاً وفتِّشْ عن الدودِ بينَ السنابِلْ
وغُصْ بي عميقا إلى النسغِ سائِلْ
لماذا أوانَ اقتربنا مِن النطقِ
ضجَّتْ طبولُ القبائلْ؟
ومن ذا يغُني حداءَ القوافِلْ؟
إلى أين تُفضي شريعاتُ غابٍ قتيلاً وقاتِلْ
إذا كانَ عربونُك المَهرُ خضباً يُراقُ انسِكاباً
بلا أيِّ معنى
جواباً سيغدو سؤالا
زُلالاً تراهُ سُموماً
سُموماً تراها زُلالا
ونصلاً حلالا
وريداً يُحزُّ نساءً رجالا
فعن أيِّ عرسٍ تبوحُ الأناشيدُ لحناً وبالا
لقد كنتُ ضدَّ المساحيقِ، تنساحُ
عندّ الصباحات تبلى
لأني أرى وجهَكِ الطلقَ أبهى وأحلى
وضدَّ الصناديقِ في حاشياتِ الطغاةْ
تميسُ دلالا،
وتُخفي نصالا،
فتغتالُ طفلاً وتلتاعُ ثكلى
لأني أحبُّ صفاءَ المرايا
وما كانَ في القلبِ في النطقِ أجلى
وكم خامرتني سعاداتُ وهمٍ بفجرٍ شهيٍّ
وطفلٍ بهيٍّ وما كنتِ حُبلى
ولكنَّني أجْمَعُ الزيتَ وسْطَ القناديلِ كيما
تمرُّ المصابيحُ رَغمَ الظلامْ
لنفضيْ إلى شارعِ الشمسِ كلٌّ
لَهُ مِنْ شُعاعٍ حُسامْ
ولكنَّما الوحشُ عندَ المفازاتِ فحَّ
المواقيتَ حِقدَ السُخامْ
وها إنني اليومَ لا أستطيعُ السكوتْ
وها إنني اليومَ لا أستطيعُ الكلامْ
فإن قلتُ: لا للنزيفِ العِراكْ
سينفضُّ عنّي جميعُ الذينَ ارتموا في الشِراكْ
وسيفٌ يراني هنا
وسيفٌ يراني هُناكْ
******
أنا نحلةُ الحبِّ آتيكَ جِسراً وكُلّي حِرابْ
بعينيكَ جَفنيْ مُدمّى
وظهريْ بِكفيكَ يُرمى
وصدري خَرابْ
وبينَ الدموعِ وبينَ العَذابْ
أنا الرمشُ،
أنا النعشُ،
أنا الرفشُ
وأنتَ الذي قد يهيلُ التراب
فإن قاتَلَتْ راحَتي ساعِدي
أنا كيفَ أمتدُّ من جلديَ الواعدِ
إلى عظميَ الصامدِ
ولا أعبرُ الجرحَ في لحميَ الخامدِ
وما زلتُ شوكاً بحلقِ الضِباعْ
وحُلمي سيبقى شهيَّ الصِراع ْ
وأوْليسُ لمّا يَزلْ في كِياني اليراعْ
لوشمِ التحدي بزندِ الزمنْ
وليس الضَياعْ
على مركبٍ لستُ أدري لِمَنْ
وعندَ المواني فردتُ الشِراعْ
لكي يُبحِرَ الرَبْعُ نحوَ الحياة
فقال العُجالى إلى الماوراءْ
ونهرِ اللبن:
نخيطُ الشراعَ الشآميْ كفنْ
أنا أدرِكُ اليومَ أنَّ الذينَ استحالوا رؤىً
في جُفونِ الرمالْ
لنا لَنْ يعودوا سِوى ذِكرياتْ
وأشلاءَ مَنْ حلَّقوا في كُوىً فاغِراتْ
وشاحاً غَدوا خلفَ شطِّ المَنالْ
فكُرمى لأطفالِهم حينَ يُدمي السؤالْ
علينا ابتكارُ اللغاتِ التي لو تُقالْ
لها يَستجيبُ المُحالْ
*****
إذا كنتَ حقاً تريدُ التماهي بزهوِ الفَننْ
لكي يخصبَ الكرمُ رغمَ المِحنْ
فدعْنا نداوي ثخينَ الجِراحْ
قبيلَ انتشارِ العَفنْ
أنا أنت يا قاتلي في جنون الزمن
وماذا سنجني إذا ما ربِحنا انتصاراً
دماراً عروسَ الدِمَنْ
وكلَّ المُنى؟ إنْ خَسِرنا الوطنْ!