رسائل عشق إلى دمشق

1

للشامِ وجهٌ لايُسمى بتُّ أحياهُ   ما أضألَ الأوصافَ حينَ أقولُ أهواهُ

أو كاعبانِ القطرُ مذ نَهَدا سقى   من حُلمتي فرحٍ شهيِّ الرشفِ ريّاهُ

ضاقَتٍ عنِ العشّاقِ في دعةِ الهوى     واللثمُ تُخصِبُ رشفَهُ …الآهُ

كُحِلتِ بالضوءِ المسافرِ للرؤى     ما للغدِ المأمولِ يستحيي مُحيّاهُ

يفترُّ ثغرُ الرعشِ عن شفةٍ دَنَتْ     ندَّت تَجلّى مُذْ تدلَّت عِندَها اللهُ

إنْ كانَ هذا الكونُ قبلةَ عاشقٍ       فالشامُ عندَ العاشقينَ …شِفاهُ

       2

عيناكِ تواريخُ الألمِ

والجرحُ إلهٌ في الأحداقْ

يغتالُ الفرحةَ في الحُلُمِ

يسّاقطُ صمتاً في الأعماقْ

ويعودُ لينزفَ في قَلمي

عيناكِ وتسألني الأجفانْ

عن حبٍ عُمِّدَ بالأحزانْ

عن غزلٍ يبكي عن أشواقْ

ذَبَحوها بالجوعِ القهّارِ

وبالتشريدِ وبالإحراقْ

قد سَرقوا الشمسَ منَ الآفاقْ

وبريقَ الدمعةِ في الآماقْ

إنْ نحكي عن عشقٍ نحكي

عن حفلةِ تأبينِ العُشّاقْ

ألقاكِ إلامَ البردُ يُجمِدنا

والدفءُ على الصدرينِ عِناقْ

ألقاكِ وأسألُ في لهَفٍ

أإلُهُ الحبِّ معَ السرّاقْ

عيناكِ تواريخُ الألمِ

شفتاكِ تفجُّرُ خمرِ التوقْ

بالرؤيةِ يسكرُ منهُ فَمي

يا ثغرَ رؤىً إنْ تبتَسمي

فلماذا يَسبِقني التنهيدْ

والآهُ تُردَّدُ في النَغَمِ

شفتاكِ ويسحقُني التسآلُ عن القِيَمِ

هل لونُ الوردِ على شفتيكِ

أم الشهداءُ ولونُ دمي

       3

عيناكِ ياحَبيبَتي مواكبُ الفَرَحْ

وثغرُكِ المعتَّقُ اكتنازُهُ بَلَحْ

قد زادَكِ الجرحُ الوجيعُ تمنّعاً

في حين أُغمى صاحبٌ لمّا انجرَحْ

وكبا فسلَّمَ رمحَهُ

لكنَّ مهرَكِ للعُلا ما إنْ كبا حتى جَمَحْ

آمنتُ حينَ تبسمينَ بالدموعْ

عيناكِ ياحبيبتي قوسانِ مِنْ قزحْ

       4

تعالَي لنبكي إذا ما التقينا .. مِنَ العشقِ نبكي حَنيناً حَنينا

وشدّي على الصدرِ إنْ غِبتُ يوماً كمَن طالَ فيهِ الفراقُ سِنينا

دعيني أعضُّ أناملَ كفيكِ أشدو ، وأرقصُ أعدو ، ليشهقَ نهدٌ

ويزفرَ نهدُ ، كأنّا على البطءِ فلمٌ ملَّوَنْ ، وحلمٌ ُمزيَّنْ ،

 نطيرُ على الأفقِ عُرياً فلا الحَرُّ حَرٌ ولا البردُ بردُ ،

نشدُّ التصاقاً وشوقاً نشدُّ ، نصيرُ فراشاً فينهدُّ أفقٌ على الضوءِ زهراً

ويمتدُّ وردُ ، وحينَ تلاقي العيونِ ننوسُ احتراقاً وبحرانُ يبدو ، وصارٍ يُسليهِ

جزرٌ ومدُّ ، وأفقٌ يناجيهِ عُمقٌ وسهدُ ، نغوصُ..  نرشُّ على وجنتينا المياهَ.. ونسبَحُ

حتى نضيعَ اقتراباً ويقربُ بُعدُ ، أحبكِ حتى أموتَ حنيناً وقبرٌ من الشوقِ

 ياحبُّ مهدُ ، فلفّي ذراعيكِ حولي دَعينا ندورُ ندورُ كشهبِ المَلاهي ، كدفقِ المياهِ

وخلي التَباهي يطوفُ علينا كحبٍّ إلهي ، فنركعُ فيهِ ويسجدُ فينا ، دَعينا دَعينا

نجنُّ نياماً ونصحو جُنونا ، وخلي رفيفَ الحمائمِ في مُقلتينا ..

لقد كانَ فخراً بأنَّ الوجودَ استحالَ علينا ،

 ورَغمَ الأعاصيرِ رَغمَ البراكينِ نحنُ التقينا