الصدى

لقصيدة الصدى اسلوب تقني خاص ابتدعه الشاعر لتجاوز مقص الرقابة كما يبدو حيث يستخدم جهاز إيكو – الصدى – في مواضع محددة جدا إبان الإلقاء فتتردد حروف أو تتمازج حروف مكونة كلمات غير مكتوبة في النص المطبوع وفق عدد الحروف التي يسجل رقم يمثلها في نهاية الكلمة أو تواصل الكلمات فالمطلع ( ملك الموت توضأ دمدم صلى يوضع رقم 2 نهاية كلمة صلى فيتردد حرفان مع تكرارهما تتشكل كلمة الله .. الله .. وفي عبارته التساؤلية : “هل حرقت لا” يوجد رقم 4 وعند الإلقاء وتشغيل جهاز الإيكو تتمازج نهاية قتلى ( قت ) مع الحرفين لا .. وتأتي كجواب للسؤال ..قتلى قتلى ..) أما من حيث المضمون فهي رحلة متخيلة لحبيبة داخل جمجمة حبيبها الشهيد بعد أن تتكثف لحظة موتها من هول منظر حبيبها تتكثف كرغبة لمعرفة ما كان يود أن يقوله قبل استشهاده ..

ملكُ الموتِ توضأَ دمدمَ صلّى 2
قداسٌ آياتٌ تُتلى
تسّاءَلُ شمسُ المغرِبِ
عن أطيارِ النور
ولا رجعَ سِوى لا
هل هامَت ..لا
هل مَلَّت ..لا
هل حُرِقت لا 4

–    تقتربُ العاشقةُ الثكلى
أينَ حبيبي ياعشبَ اللُقيا
تنفجرُ الريحُ
وتختبئُ النسمَات 3
يحتطِبُ الليلةَ ملكُ الموتِ
عِظامَ الأمواتِ
ليُشعِلَها في صدرِ الأمِّ
وقلبِ عشيقاتٍ رُحْنّ يُشاغِلنَ
الوهمَ سيأتي يا لونَ الآهاتِ المَخبوءات 2
–    تركضُ كالمَجنونَةِ
تستوقفُ فلاحاً يغرسُ مجرَفَةً
في الوحلِ ويرفَعُها
ملأى بالأمعاءِ وبالأشلاءِ
فتسقطُ منها كفٌ تروي لي 4
يضرِبُ معولَهُ الأحدبَ يعلقُ
في التربةِ ، تندبُ ، تنقَذفُ ،
تردُّ الطينَ ، تشيلُ الوحلَ
النصلُ انغرسَ بوجهِ شهيدٍ
منسيٍّ ، مقلوعِ العينْ
تولوِلُ ، تفتحُ جَفنيهِ ،
تصيرُ الفجوةُ سِرداباً
مُمتدّاً نحوَ كهوفِ الذاكرةِ
تُحملِقُ ، تصرخُ ، ترتدُّ الأصواتُ
شياطيناً مرعِبةً
تبدو في عمقِ السردابِ الحَدَقه 2
–    أينَ حبيبي ؟
مَن مِن صدريَ سَرَقَه 2
أينَ حبيبي ياسردابَ القهرِ أجبني
أينَ حَبيبي هل يأتيني
فوقَ الريحِ غداً خيّالا 2
أينَ حبيبي

تنكفئُ العاشقةُ وتشهقُ
يرتدُّ الصوتُ
على أبوابِ الذاكرةِ
وترتطمُ الكلمات 3
–    هل فَقَدَت عيني مَرآه 2

تتكثفُ من قهرِ الأشواقِ الميؤوسةِ
لحظةَ أن يتوقفَ منها القلبُ
تصيرُ العاشقةُ الرغبةَ
للكشفِ ورؤيةِ أخيلةِ المَيْتِ
قُبيلَ الموتِ وما ضَمَّت
ساحاتُ اللاوعيِ من الأفلامِ
المخبوءةِ والإحساسِ المشنوقِ
بزنزاناتِ دماغٍ كفَّ ، وصارَ
يجفُّ ، تشفُّ ، وتخلعُ ثوبَ الأحياءِ
وتركبُ آخرَ تحديقٍ مَدَّتهُ
لعينِ الجمجمةِ المقلوعةِ ،
تدخلُ في السردابِ الموحلِ
بالنتفِ اللحميةِ والأعصابِ المجبولَةِ
بالمتَخثِّرِ من سيلِ دماءٍ
يستوقِفُها شريانٌ مقطوعٌ
تتعثرُ فيهِ فتنزلِقُ
لقَعرِ السردابِ المُعْتِمِ
فوقَ لزوجةِ مَصلٍ رَجراجْ
تنهضُ ، تطرقُ بابَ الذاكِرةِ
الموصودِ بقفلِ النسيانِ
تدقُّ بكفينِ هُلاميَينِ على خشبِ
البابِ المنحوتِ سراباً
مِن شَجرِ الصمتِ الأبديِّ ، تُنادي:
–    جئتك من قهر العشق الوطني
المعسول خداعا ، فالثابت كالجذع
احترق بنار العشق وأغفى
حين انطلق بعيدا
فوق الهرم الأكبر من في
الأعلى نحو الأعلى كالدخان 3
–    جِئتُكَ من قَهرِ العشقِ الوطنيِّ
افتحْ لي بابَ الذاكرةِ ، فَروحيَ
عَطشى للكشفِ عن الماضي
أرِني المخبوءَ حَبيبي
لا تتركني وَحدي في صحراءِ
التسآلِ الشوكيِّ
فيرتجُّ صدى صوتٍ أزليِّ
الأبعادِ ، يصيرُ رنيينُ الصوتِ مَمراً
يسقطُ بابُ الذاكِرةِ ،
يفوحُ من الكوَّةِ دفءٌ أسطوريٌّ ،
تبدو السبلُ مسالكَ متقاطِعةً
متشابِكةٍ مُتعَرِجَةٍ كالذبذبةِ الضوئية
يعلو همسٌ هفهافُ النبرَةِ :
–    لن يُبعِدُنا الموتُ تعالي
أعلمُ ما تبغينَ ولكن حتى بعدَ الموتِ
يخافُ الأحياءُ من الكلماتِ
المطمورَةِ في جُمجُمتي ،
حَقنوا جثتيَّ المهروسَةَ
فيروسَ استخباراتٍ وجراثيمَ رَقابَه
كي تُمحى من أوراقِ الذاكرةِ وكرّاساتِ
اللاوعيِ المطعونةِ بعضُ الكلماتْ
لكنّا وكما المحلولُ الحمضيُّ
يُبينُ سطورَ الحبرِ السريِّ
سندرِكُ كلَّ معاني الرؤيا
بِصدى الأصوات

يَتحولُ صوتُ المَيْتِ القادمِ
من كهفِ عوالمَ أخرى كفاً
تسحبُ زندَ العاشقةِ وتهتفُ :
–    لا تبكي ، لا تبكي
هيّا نقرأُ منطقةَ الحسِّ البصريِّ
المصعوقةَ من هولِ الرؤيةِ
والأخيلةِ الممدودةِ من فوهاتِ النار
وحتى صالاتِ الويسكي

ترعشُ ، تخدشُ أنسجةً ترتجُّ زلالية
وتشيلُ غشاءً أملسَ عن منحدرٍ
معكوفٍ يرشحُ مِنهُ نخاعٌ أبيض
يتحوَّلُ ورقاً
تقطرُ من منطقةِ الخدشِ
دماءٌ متخثرةٌ تتجمَّعُ فوقَ
الورقِ المخيِّ خطوطاً منحنياتٍ
تأخذُ أشكالاً تعبيريَّة
للقاءاتٍ سريَّة
تبدو في الجلسةِ صورةُ
أشباحٍ تحملُ أقلاماً
ما هذا حتى الأقلامُ تمانعُ
ترفضُ ، تتكسرّ 2

تحتارُ العاشقةُ ، يجيبُ الصوتُ
الهامسُ :
–    نحنُ الصفقةُ يا حُبي
والقابعُ كالخرتيتِ بصدرِ القاعةِ
خوفو ، أو خَفرَع ،
يعملُ في مكتبِ دفنِ الموتى
والأوراقُ جداولُ آلافِ الجثثِ
المشحونةِ للبيعِ الصفقةُ كُبرى
لكنّا ما كنّا نتصورُ أو نَتوقَّع 3

تلمحُ فيروساً يكتبُ تقريراً
وتسارعُ جرثوماتٌ تحمِلُ فَلقاً
وهرواتٍ نحوَهما
ومذكرةٌ للتوقيفِ بحقِّهما
باسمِ الأمنِ المُخيِّ
بتهمةِ نبشِ الماضي
ومسلسلةً حسبَ أصولِ القانونِ
بختمِ المختارِ وحتى توقيعِ القاضي
يختبئانِ بإحدى ثنياتِ المخِّ وينحدرانِ
سراعاً بثوبِ كرياتٍ بيضاءَ
تُشرنِقُ حولَهما
–    لا تخشي مُدّي خطوَ الرغبةِ
كي نقرأَ منطقةَ الحسِّ السمعيِّ
تشظَّت فيها آلافُ الأصوات،
هذي أغنيةُ صلاحِ الدين
هذي صيحةُ مارِدْ
هذي خطبةُ خالدْ
ما زالت كالسيلِ الجارفِ في حطين 3

اللحنُ يمرُّ على الأسلاكِ
ينزُّ دماءً ترشحُ في آياتِ الذكرِ
( سنرجعِ بالتينِ وطورِ سنين )
الأصواتُ تصيرُ أكُفاً تصفعُ
منطقةَ الإدراكِ فتنتحبُ ردودُ الفِعلِ
تئنُّ خلايا الحسِّ
وتأخذُ شكلَ عيونٍ تبكي
يصرخُ صوتُ العاشقةِ :
–    حبيبي ما يُبكيكَ ؟
يجيبُ الصوتُ الهامسُ:
–    ما أقسى أن نُخدَعَ قسراً باسمِ الرايات
فاصغي لِصدى الفرحِ وكيفَ يعودُ
أنيناً مُرّاً يجرحُ أزهارَ الضَحِكات
كالومضِ وثبنا
نحنُ سَكبنا
حبُّ الصادقِ لايحتاجُ إلى بُرهان
طوبى للزارعِ ساقاً في أرضِ
الدمعِ وددتُ لو أني ألثمُ
جرحكَ يا عدنان *
فالجبلُ الشامِخُ تاجُ إباءٍ
أُتخِمَ من سيلِ دماءٍ صادقةِ الخطوِ
فخانتها سيدةُ النهرِ
وزوجُ الغدرِ فتاجي هان 5
لم يبقَ سِوى ساعاتٍ
حتى ينطلقُ الطوفان
لكنَّ الساحرةَ الكُبرى
مَسَخت تمثالَ إبي الهولِ
فصارَ يدورُ ويقفزُ كالسعدان
جدعَ الأنفَ لغاياتٍ نُدرِكُ مرماها الآن
وتحوَّل نزفُ الجرحِ بحيراتٍ
مالحةً مُرَّة **
وجسوراً تمتدُّ بِكثرَة
حتى يَتساوى الميزان
هل أدركت الآنَ مرارةَ جُرحي
كلُّ شظايا العالمِ لم تقتلني
لكنّي مَقهوراً متُّ
اقتلعي من صَدري النيشان
هل بعدَ الموتِ يُعزيّنا
غيرُ الثأرِ من الثعبان
إنْ أنسانا الموتُ جراحَ الجسمِ تناسينا
لكنّا صِرنا في حضنِ الأرضِ
تعانقنا والرملَ
فَمَن للتربةِ يُنسينا 4
والقبةُ ما زالت مجدَ البائعِ والشاري
والطينُ القدسيُّ رصيدَ سماسرةِ الجرحِ
وما زالَ الصوتُ المعسولُ
يقايضُ بالفلسِ الطين
وعيونَ شهيدٍ بالدينار
نارْ ، طينْ ، فِلسْ ،
مَزجَتها دمعاتُ نَدَمْ
دَمْ ، طين ،
فِلسْ ، نارْ ،
طينْ ، دَمْ ،
فِلسْ ، طينْ ،
فِلسْ ، طين 6

عاشَت روما
يَسقطُ وحشُ الرعبِ الغادِر
تسقطُ عاش
تسقطُ يَسقط
يسقطُ لونُ الزمنِ القادمِ
من يافطةٍ أو مذياع
بنلوبي ضاجَعها كلُّ الجندِ
ولم يبقَ سوى طفلٍ واحدْ
يرضَعُ قهرَ العشقِ فأوليسُ
القادمُ من ثغرِ الموتِ شعاراتٍ
ليسَ البطلَ الواهبَ قطرةَ نورٍ
والمِذياع
هل تسمَعني يا موجَ الصمتِ
الساترِ ذلَّ الأتباع 3
يا مَن غصَّ بشوكِ الأملِ
الدامي حتى الإشباع 3
ما مِن عاصفةٍ في هذا البحرِ الصيفيِّ
يكادُ الشاطئُ أن يرحلَ قَرفاً
من زبدِ الصمتِ الآسنِ
يصرخُ : إنّي أكرهُ كلَّ مياهِ
الخلجانِ تئنُّ وتفتحُ فخذيها
للسفنِ الكُبرى
ما أرخصَ موجاً تتمايلُ فيهِ
عروسُ البحرِ وسمكُ السلطانِ ابراهيمَ
ولا تربى فيهِ الحيتان
من كانَ يريدُ سبيلَ النور
ليأخذَ من ثغرِ الشمسِ هوية
الصدقَ أقول
شرطٌ أن تسقطَ من هذي الجَعجَعةِ
جميعُ الأصواتِ الفضيَّةْ
كي تخطو للمجدِ بقيةْ
في الطينِ تعيشُ ملطخةً بالشحمِ
وزيتِ الماكينات
ولكن كالماسِ نقيَّةْ
لم يبقَ لهذا الدربِ سوى الموت
أو تشترطَ بقيَّه 5
كي تغلي كلُّ الأمواجْ
لن تقوى جُمجُمتي يا حُبي
أن تختزنَ شريطَ الزيفِ
وأن تصمتَ حين تُغيرُ معناها الأشياء
هذا موجٌ يقبلُ كلَّ الألوانِ المفروضةِ
هذا بحرٌ يكثرُ فيهِ اللبنُ الأسودُ
والإقرارُ بأنَّ الديكَ يبيضُ
وأن المُلكَ خيالُ اللهِ على الأرضِ
يوافقُ في اللحظةِ
ذاتِ اللحظةِ حتى المتناقضَ في الأنباء
والنيلُ يرددُ في الليلِ الأصداء
هل هذا الناطقُ بالضادِ لسانٌ أم حرباء
دلوني في أيِّ مكانٍ ألقى صوتاً
يتحدثُ في وجهِ الريحِ ولا يتلعثمْ
دلوني من لا يستسلِمَ للصيفِ
ويشتمُ سيلَ البردِ
ويعلمُ أنَّ الخطرَ القادمَ أعظم
يا حُبي ما ذا سترينَ بجُمجُمتي
ذوبي مثلي في هذا الحسِّ المُلجم
لم يبقَ سوى ثلجِ الأزمان
وحراجِ مرايا تَتَحطَّم
لو يَندَمُ مَيْتٌ كم أندَمْ
أنّي لم أتركْ جُثماني يَتفسَّخُ
في مأدبةِ عَشاء
للوهمِ تُقامُ على شرفِ الأنباء
وضجيجٌ في الشارعِ يَدوي يَعلو
يدوي ويَضيعُ هَباءْ
يا وَطني آخرُ كلماتي تساءَلُ
في قطراتِ دِماءْ
هل أنتَ المُدمِنُ جهلَ الصخبِ الأجوفِ
أم أنتَ المَحقون
هل هذي صيحاتُ النصرِ المتوثِّبِ
في أحداقِ الأملِ الظامي
أم أخطرُ أنواعِ الأفيون
( دكوا النشامى هيلنا
ياليلنا ياليلنا
من صولتك ديغوا خبر دولتك
باريس مربط خيلنا
وبتسرح مواويلنا 7 – أو 5

قد بيعَ الحسُّ وأنتَ مُدَمّى مُغمى
كالأعمى يقُتادُ ليُرمى
والواثقُ مغبونٌ مغبون
هل هذا الموصدُ في وجهي يا وطني بابُكْ
أم أنَّكَ مَرميٌ في الشارعِ مِثلي
محرومٌ منفيٌّ مَلعون
هلْ هذا الغارسُ في لَحمي يا وَطني نابُكْ
أم أنتَ بِلَحمي مطعونٌ مِثلي مَطعونٌ مَطعون
ماذا تحكي
عن صَنميةِ إحساسِكَ هذي الأشعار 3
أتسيرُ حياءً أم جُبناً
والسائرُ خلفَ المجنونِ
وحقِّ جميعِ القديسينَ ودمعِ عَذارى
المشرقِ والمغرِبِ يا وَطني مَجنونٌ مَجنون
هل هذا القادِم ُمِن ريحِ الأطلنطيكِ
ملاكُ الرحمةِ أم نيرون
فلتُحرَقْ أغصانُ الزيتون
إني أتبرّأُ مِن دربِ الرِّدَةِ
لا أرجعُ أُتهم أني مُنسَحِبٌ مِنكَ
فأنسحبُ لأنّي أتَقدَّم
هذا يومُ القولِ الفصلِ
وهذي الجثةُ من يُحييها فليتقدَّم
أولى بالرجلِ الجامحِ من قهرِ الذلِّ
بصدرِ الزوجةِ أن يُخصى
ما أتفهَ مقياسَ فحولةِ رجلٍ أبْكَمْ
مَن كانَ لديهِ لسانٌ لم يَبلعْهُ
الخوفُ الدابِقُ فليتكلَّمْ
هذا الساحُ ليظهرَ رجلٌ أو يتحجَّبَ
مثلَ النسوةِ كي يُخفي خَجَلَهْ
هذا الوطنُ بُراءٌ من جيلٍ لا يَحمي بطلَه
فالصامتُ عن ثأرِ الشُهداء
شريكُ القَتَلَةْ

يغيبُ المَيْتُ
تغيبُ العاشقةُ بجوفِ الحُفرَة
لكنَّ الصوتَ القادمَ مِن كهفِ عوالمَ أخرى
يكبرُ يكبرُ يكبرُ يُصبِحُ شمساً
تدخُلُ في شِرياني
فيعودُ الصوتُ نَزيفاً فوقَ لِساني
أصرخُ في وجهِ الثُعبانِ القادمِ
بعدَ اللسعِ صديقاً
أصرخُ في وجهِ النسائينَ
وأثقبُ آذانَ النسيان
فليسقطْ تشريعُ يسوعَ المتسامحِ
إنّي لن أُعطي خَدي الأيسَر
مادامَ المَطرُ المحروقُ بوجهيَ لم يَتبخَّر
سأردُّ الصاعَ بصاعينِ وآخذُ طيرَ الفرحةِ غصباً
فأنا ضدُّ مقاييسِ العطفِ وضدُّ الإحسانْ
ما أحقرَ لفظةُ مسكينٍ في غابٍ سيدُهُ الثُعبان
أولى بي أنْ أشربَ من جُرحي
لا أنْ أطلبَ قطرةَ ماءٍ من جلادي
فالبسمةُ في وجهِ السوطِ
بدايةُ تسليمٍ وصكوكُ هَوان
أهلاً قد جئتَ أخيراً يا نابَ الغدرِ صديقاً !!
فتبسَّم صافِحْ ما شئتَ فإنّي
سأحييكَ بشاراتِ الرفضِ
وأهتفُ في حفلِ استقبالِكَ أشعارَ الخالدِ نيرودا
وسألصقُ صورَ الأبطالِ الْعضَّتهُم
أنيابُكَ في بيروتَ وفي عمّان
وسأدعوكَ لحفلةِ تكريمِ الماسةِ أنجيلا ***
وأعلقُ صورةَ غيفارا فوقَ الجُدران
وسأرسمُ أطفالاً أطرافاً أشلاءً
من بحرِ البقرِ المكحولةِ ****
بالنابالمِ المخبوءةِ في النسيان
يا مولاي أنا من قالَ لهذي الأرضِ
احتدّي اعصاراً وامتدّي بُركان
فلتكتُبْ عنّي كلُّ تقاريرِ المسعورينَ
وكلُّ الخِصيان
لن يدخلَ خوفٌ حُنجرتي
لن أصمتَ في وجهِ الغيلان
فأنا مِن جُند اسبارتاكوسَ
أحاربُ ضدَّ المدعو اسكندرَ
ذي القرنينِ بفيتنامَ وتشيلي
في بيسانْ
وأنا مَنْ يَهتِفُ لا للريحِ القادمةِ
من الغربِ بكلِّ زمان
فخُذوني بالجرمِ المشهودِ فإنّي
لا أنكرُ أنّي أعشقُ تربةَ هذي الأوطان
لن يقدرَ أحدٌ أن يُفقِدني صَوتي
لن يقدرَ حبلٌ يلتفُّ بِعُنقي أو سجّان
إن كانَ الحرُّ بِهذا العصرِ يُدان
فخُذوني للموتِ خُذوني
خيرٌ لي أنْ أُشنقَ جَسَداً
لا أنْ يُشنَقَ فيَّ الإنسان
*************
* الطيار السوري عدنان الحاج خضر الذي قام بأعمال بطولية في حرب تشرين وقام بقد أن سقطت طائرته وأصيبت ساقه قام بقطعها لكي لا تعيقه عن الزحف والوصول إلى أرض الوطن حتى لا يؤسر
** المقصود البحيرات المرة في سيناء والتي لعبت ظروف غامضة في عبور الإسرائيلين من خلالها وتحويل الميزان العسكري
***  المناضلة الأمريكية أنجيلا ديفيز
**** مدرسة بحر البقر المصرية للأطفال وقد قصفتها طائرات الفانتوم مما أسفر عن استشهاد وإصابة العديد من الأطفال