تعمقت صداقتي بالفنان الدكتور محمد غنوم في موسكو، وهو مسكون مثلي بالوطن وخاصة الشام بمدلولها الواسع، حتى أن اسم إحدى بناته شام! وبتنا نلتقي كل بضعة أيام، وحواراتنا بالطبع عن الفن والوطن والشعر ومرور الزمن بمعنى أنه كان للتأمل الفلسفي حضور في لقاءاتنا الجميلة حقا.
محمد غنوم فنان في كل شيء حتى في حركة يده، فحين يود أن يعبر عن فكرة تخاله يمسك بريشة ويخط أفكاره في الفراغ أمامه، وهو لطيف المعشر إلى درجة أنك ترى فيه إحدى لوحاته الفنية الناطقة، كما أنه بسّام يجيد الطرفة والحوار الهادئ، ويجيد الإصغاء إلى درجة أنه يبدو مبدعا فنانا حتى في صمته منصتا… وقد أسعدني أنه رسم بريشته عدة لوحات تعبيرية لمجموعتي الثلاثيات، ويخطئ في تصوري من يعتبره مجرد خطاط يتقن حرفة التخطيط، فقد بدأ برسم الأحياء الشعبية والطبيعة الصامتة والبورترية بتميز واضح، ومن ثم اختط منهجه في استنطاق الحروف، وكأنه تقمص تلك الطفرة التي أحدثها أجدادنا في اختراع الأبجدية فانتقلت البشرية حتى فنيا من التجسيد عبر الرسم والنحت إلى الترميز عبر الحروف,,,إنه بروحه ورؤاه فنان يستخدم الحروف والكلمات أدوات فيطيعها ويجعلها تنساب في تشكيل موحٍ لتحمل معان أوسع من مدلولها المتعارف عليه، وتغوص مع اللون والحركة أعمق فأعمق، أي أنه يضيف للحروف معان جديدة يقدمها عبر اللون والحركة في التكوين الجديد…
محمد غنوم غني عن التعريف فهو مدرس جامعي وله حضور عالمي واسع حيث أقيمت معارضه في روما وباريس ووارسو وكراكوف وغيرها، وعرضت وتعرض لوحاته في أكبر العواصم وأشهر مدن العالم، وهو إلى جانب كل ذلك حائز على عدة جوائز دولية من بينها جائزة الخط العربي في طهران عام 1997، وجائزة الشراع الذهبي” الكويت 1981″، والجائزة الأولى لمهرجان الخط والموسيقى في فرنسا عام 2000 وغيرها
لا يمكن لبضعة أسطر أن تختصر عملاقا فنيا كمحمد غنوم، لهذا أعتبر ما كتبته عنه مجرد بضعة حروف في دفتر الوفاء لفنان كبير.
الصورة الأولى- سهرة مع الأصدقاء الأعزاء الدكاترة محمد غنوم، سعد الدين كليب شكيب الخطيب، “أبدو أنا ومحمد غنوم في العمق، والذي صورنا العزيز الدكتور راتب سكر لذا لم يظهر في الصورة وتجلى في القلوب!
الصور الأخرى من أعمال الفنان محمد غنوم