التسآل
إني أرى في كلِّ يومٍ ما ترى يا صاحبي فأنا وأنتَ مِن الورى
عندي حواسٌ فيكَ أنتَ مثيلُها إلا شعوري عن شعورِكَ غُيرا
بيني وبينَكَ ألفُ ميلٍ شاسعٍ بمشاعري مُذ قد خُلقتَ مُسيرا
تلقى السطورَ على الوجوهِ كجاهلٍ ويظلُّ فكري بالسطورِ مُحيرا
فأرى على وجهِ العجوزِ مواعظاً وترى التجعُّدَ في الجبينِ مُقدَرا
وتحثُّني الرؤيا لأكشفَ كنهَهَا وتظلُّ أنتَ بما تراهُ مُخدَرا
لولا الحواسُ لقلتُ أنّي واهمٌ أو ما نرى إلا الخيالَ مُصوَّرا
ويحارُ فكري إن سمعتُ بمأتمٍ ذاكَ الغنيُّ ومالُه تحتَ الثرى
أين الجواري أين حسنُ خليلةٍ أين المباني أين ما قد عمَّرا
وأقولُ كيف الروحُ تمضي هل تُرى ملَّ الفؤادُ وصالَها أم أُجبِرا
يمسي أصماً في الثرى لرحيلِها وتهيمُ في المجهولِ سرّا لا يُرى
ما الروح قلْ لي كيف تعلو في الفضا وخليلُها تحتَ الترابِ تحدَرا
فتجيبُني ببلاهةٍ رُحِمَ امرؤٌ قد كان صلّى للإلهِ وكبّرا
يا صاحبي هذي الدروبُ طريقُنا مغلولةٌ بالعيش حتى يُكسرا
فتعالَ نقتسمُ الحياةَ كمنصفٍ وتعالَ نزرعُ حبَّنا كي يُثمرا
إنّي أرى الأيامَ أحلاماً وما نصحو مِن الأحلامِ إلا في الثرى
فعلام تبقى في المنامِ مُنعّماً وإلامَ أبقى في المنامِ مُكدَرا
هذي الحياةُ مسارُ دربٍ واهم ٍفاملأ كؤوسَ الحبِّ حباً مُسكِرا
لولا الحواسُ لقلتُ أنّي واهمٌ أو ما نرى إلا الخيالَ مُصورا