للنحل مرآة الندى

أيقالُ ماتْ؟

والعشقُ هل يمضي سًدى

سيجيئُ من كلِّ الجِهاتْ

حلماً بأحداقِ الطفولةِ واعدا

النهرُ يرسمُهُ يَدا

والدربُ تسلُكُهُ هُدى

طقساً تُجدِّدُهُ ابتهالاتُ الصباح

فلا يظلُّ ولا يغادرُ كي يعود

عبَرَ الزمانَ ولا زمانَ بشارعِ

الشهداءِ يحملُ ساعةً نبعيّةَ

الاشعاعِ ، إكليلاً من الغارِ المُضَّفَرِ

يبني بُرجَها ويدقُّ زغردةً فيخرجُ

موكبٌ يلقاهُ تُعلِنُ عيدَها للمجدِ

عاصمةُ الخلود

 

حيناً تجلّى واختفى

خلعَ التجَسُّدَ وارتدى

الوقتُ جَسَّرَهُ غدا

ولهُ الزنابقُ والبنادقُ والجنودْ

ولَهُ الحدودُ بلا حُدود

ولهُ الحشودُ تَرنُّماً وسواعِدا

 

حَمَلتْ غبارَ الطلْعِ نحلةُ روحِهِ

حينَ الجرادةُ فاجأتْها

جنْدَلَتْها

فانحنتْ غرسَتْ بصدرِ العشقِ

أوبارَ المِدَقِّ وقطرةُ الطلِّ القريبةُ

مثلَ مرآةِ الأساطيرِ القديمةِ صوَّرَتْ

رعشاً مع الطلْعِ المسافرِ

 في تُوَيجاتِ الزَهَرْ

وغداً سيحتفلُ الثمَرْ

يزهو بِسُمرَتِهِ شذىً وتَوَرُدا

في كلِّ صبحٍ يستعيدُ الطلُّ

ملحمةَ الفِدا

للنحلِ مرآةُ النَدَى…

ويقالُ ماتْ؟

من ذا يُمَزِقُ بَوحَ عِطرٍ بالمِدى

سيجيئُ من كلِّ الجِهاتْ

نبعاً يجسُّ الأرضَ مِن أحشائِها

مُتَنَهِراً للبحرِ تخشاهُ الملوحةُ

يرتقي للغيمِ أبراجَ التبخُّرِ عائِدا

هو دورةُ الميلادِ تبدأها

النهايةُ بالبدايةِ للمَسارْ

في ساعةٍ نبعيَّةِ الاشعاعِ

في إكليلِ غار

وهو انتصارُ الطفرةِ الحُبلى بتكوينِ المَدارْ

خلَعَ التَجسُّدَ وارتدى

ونأى بَدا

برحيلِهِ فينا إلينا…صارَنا

صِرناهُ…وابتدأتْ خُطانا

في مداهُ فعادَ فينا وابتدا

 

أيقالُ ماتْ؟

وهو التماعُ البرقِ يشحنُ غيمَهُ

لغةً من الأمطارِ تكتبُها الصواعِقُ

 للهشيمِ الزيفِ ترجَمَها الأتونُ …وللمواسمِ

سوف يقرأها المدى

لغةٌ قوافيها من الأعشابِ تشتجرُ

البلادَ مشاتلَ الرؤيا

وتفترعُ الغصونَ قصائِدا

صَفحاتُها زمنٌ مِن الفوسفورِ

دفترُها الصدى

يأتي ويسألُ لهفةً عن قاتليهْ

ويُضمِّدُ الجرحى ويصفحُ حاضِناً

رعشَ القلوبْ

يا مَن يَنزُّ ولا يتوبْ

عن غسلِ أحقادِ الذنوبِ مِنَ الذنوبْ

الشمسُ جفَّفَتِ النهارْ

مُلحاً تناثرَ عبْرَ ساعاتِ الهبوبْ

سقطَ الصباحُ مِنَ الصباحْ

هربَ الغروبُ مِنَ الغروبْ

الوجهُ خاصمّهُ الجبينْ

وعلا صليلُ الحاجِبينْ

ويظلُّ يهتفُ للحنينْ

يا مَنْ يذوبُ ولا يذوبْ

روحاً شمالياً كقطعةِ سُكّرٍ

في كأسِ تحنانِ الجنوبْ

ويظلُّ يطبعُ ياسمينْ

ويظلُّ يقرأُ ياسمينْ

ويوقِّعُ الدستورَ بالتقبيلِ يختُمُ ياسمينْ

وبطاقةً ورديةً للعاشقينْ

مُتَوَحِداً بحنينِهمْ

بوجوهِهِمْ مُتعدِّدا

أحجمتَ عن حُلم القيادةِ زاهدا

الآنَ يشهدُكَ التَزَهُّدُ عاشِقاً

الآنَ تعشقُكَ الشهادةُ قائِدا

 

أيقالُ ماتْ؟

سيجيئُ من كلِّ الجِهاتْ

جِسراً من الأضواءِ يُوصِلُ

دمعتينِ حميمَتَينِ

وفوهتينِ تَوَحُدا

ودماً يحاورُ نبضَهُ ويحلُّ أسئلةَ الحنينْ

وفماً لهُ زغرودةٌ عطشى وعينْ

كُحلٌ لها ميعادُها

وطنٌ من الضَحِكاتِ سيَّجَ

بالضفائرِ ناهِدا

شَفَةٌ تَقَمَّصها الربيعُ تَمرُّدا

وجهاً سيعزِفُهُ النشيدُ

ورَفَّةُ الراياتِ قمصانٌ لَهُ

يهفو فَتهمِسُهُ البحارُ

إلى الشواطئِ والشواطئُ

للمدينةِ تستعيرُ الأرضُ

مِنهُ صلابةً وتَجَدُدا

 

ياحلمَنا الحلوَ العبِقْ

لَهفي على مهرٍ عَدا

لحنينهِ عبْرَ الردى

قد كنتَ تقدِرُ أن تعيشَ معَ

الطلاوةِ مُبْعَدا

لكنَّ روحَك لم تطِقْ

ما كنتَ يعسوباً يعبُّ فيلتَصِقْ

يا حلمَنا الحلوَ العَبِقْ

إن مرَّتِ الأشباحُ في

الوقتِ الدَبِقْ

فلقد مرَرتَ كما يُقَدَرُ للشعاعِ المؤتَلِقْ

مجدُ الرصاصةِ أنَّها -إذ تنطلقْ-

 تدري ولا تأسى على بارودِها أنْ يَحتَرِقْ