الطريق

كلَّ يومٍ تحتَ شُبّاكِ الحبيبةْ

أنشُدُ الشعرَ أُغنّي وهْوَ مُغلقْ

أتمنّى لو لِمرَّةْ

أنْ تمدَّ إليَّ نظرةْ

فأنا ذاتَ مساءْ

طوقتني نظرتانْ

مثلما الصيادُ يرمي بالشِباكْ

طوَّقتني نظرتانْ

كنتُ قربَ الشطِّ والموجِ المورَّقْ

أبحَرَتْ بي نحوَ أعماقِ الخيالْ

أفرَدَتْني قربَ حيتانِ المُحالْ

شرَّدَتْني في العبابْ

باحثاً عن ظلِّ زورقْ

آهِ شُبَّاكَ النجاةْ

نظرةً … فالقلبُ يغرَقْ

ردَّ لي صوتي صداهْ

وهْوَ لا ينفكُّ مُغلقْ

أحشدُ الآهَ بعنفٍ كي تفكَّ الدرفتينْ

أو تهزَّ الأكرةَ الصماءَ لكنْ

يرجعُ التنهيدُ مُرهَقْ

وهو مُغلقْ

أرصفُ الشَعرَ المُعطَّرْ

حلَّةُ الأثوابِ تزهو

واقفاً عيني هُناكْ

تحتَ شُبّاكِ الملاكْ

وانعكاسُ الضوءِ من نجمٍ بعيدْ

فوقَ أحداقِ الزجاجْ

وهو مُغلقْ

ثم أمضي في سكونْ

قاذفاً باقةَ وردٍ للرصيفْ

ويمرُّ الأعرجُ الحَدّادُ قربي كلَّ يومْ

حامِلاً طيَّ الذِراعْ

كيسَهُ المنسيَّ في سقَطِ المَتاعْ

قيلَ أيامَ الصِراعْ

طلقةٌ في الساقِ شلَّتْ كاحِلَهْ

ليسَ إلا نظرةٌ من كلِّ عينْ

والتفاتٌ في فُضولْ

ثمَّ ينعَطِفُ الطريقْ

… مرةً والضوءُ غابْ

عائدٌ كالحزنِ مهزوماً وقلبي

فوقَ نافِذةٍ مُعلَّقْ

عندَ مُنعطفِ الطريقْ

لاحَ لي كيسٌ عتيقْ

كوَّةٌ سريَّةٌ خلفَ الجدارْ

وابتساماتٌ بريقْ

والضفائرُ سكبُ زنبَقْ

وهو مهووسٌ يُحرِّكُ راحتيهْ

ترتمي عيناهُ فجأةْ

فوق عينيَّ فيشهقْ

يخطفُ الأشياءَ … والكيسَ المُرتَّقْ

ثم يعدو … يَتعَثَّرْ

ترتمي مِنهُ قُصاصةْ

آهِ يا قلبي المُمَزَّقْ

إنّها حتماً رسالةْ

وهي حمقاءُ أتهوى

ذلكَ الحدادَ دوني وهْوَ أعرجْ

حدجَّتني بِطعانِ الكبرياءْ

صرخَتْ كالنسرِ فارتجَّ النِداءْ

قبلَ أن تمضي لتبليغِ الطُغاةْ

أو رحالِ الأمنِ عنّي

أيّها المخدوعُ اقرأْ

… آهِ منشورٌ عن الاقطاعِ والأتباعِ

والشعبِ المُحرَّقْ

منذُ ذاك الوقتِ صِرنا أصدقاءْ

لم أعدْ أهتمُّ بالشَعرِ المُعطَّرْ

لم أعد أهتمُّ بالشِعرِ المُنمَّقْ

صرتُ أشدو للحبيبينِ اللذين

علَّماني كيفَ أعشقْ