كتبوا على كبِدي
أنشودةً حلوةْ
كنّا فراشاتٍ
في مقعدِ الدرسِ
نشدو بِها طرباً
وتهزُّنا النشوةْ:
“كبدي فِدى بَلَدي…
كَبِدي فِدى بَلدي”
وكبرتُ يا ولدي
عينايَ مرآتانْ
للقهرِ والحِرمانْ
وتهافتَ الغربانْ
ليفتِتوا جَسَدي
…”كَبِدي فِدى بلدي”
المخلبُ المعكوفُ وسْطَ الليلِ والعَسكرْ
والمُخبِرُ الملفوفُ مثلَ التبغِ
بين أصابعِ القُصَّرْ
من أدمعي يَسكرْ
…”كَبِدي فِدى بَلدي”
في لوحةِ الأوطانْ
رُسِمتُ بالخِنجرْ
وكلَّما أكبرْ
في حسيَ الإنسانْ
جرحي معي يكبرْ
ويعضّني الزيفُ
فيشيلُ من كَبدي
ويعضّني القهرُ
فيشيلُ من كَبدي
ويعضّني الفقرُ
فيشيلُ من كَبدي
…”كبدي فِدى بَلدي”
لما أتانا الليلْ
والريحُ والإعصارْ
من خط ِّوقفِ النارْ
فتَّشتُ عن بلدي
أنشودتي الحُلوةْ
عادتْ كحلمِ صدى طفولتي فيها
وتمزَّقتْ بَلدي
ضاعتْ روابيها
فعجبتُ يا ولدي
النقشُ محفورٌ
عهداً سيحميها
لما يزَلْ كبدي لعيونِها مهدا
لن يخلفَ العهدا
وجلوتُ سكيني
وفتحتُ أحشائي كيما أرى بلدي
وبحثتُ كم فتَّشتْ
فلم أجِدْ كبدي…!