يا شامُ وجهيْ لم يَزلْ قَطْرَ النَّدى
يروي سهوبَ العشقِ أفقاً للمدى
لي في مرابِعها صهيلٌ شامخٌ زغرودةً
كالعِقدِ يجمَحُ حاضناً جيدَ الصَّدى
من شهقَةِ الإعصارِ شدَّ سروجَهُ يومَ السَّبقْ
نبضي سنابكُ عدوِهِ لحنينِ ثغرِكْ
يمضي إلى عرسِ اللّقاءِ يزيحُ أستارَ الغسقْ
من خفقةِ الرّاياتِ تزدحمُ النّسائمُ موعِدا
لكنَّني مِن فوَّهاتِ عقاربِ الصّحراءِ
تَترى فوقَ ظهرِكْ
وتَبسُّمِ الثّغرِ المُضرَّجِ واثقاً
ليشدَّ أزْري رغمَ قَهرِكْ
رُوحي انسِكابٌ في الوَرَقْ
كلُّ الّذي سَطَّرتُهُ يوماً بِهِ
أبكى دواةَ الشّعرِ عِشقاً بالأرَقْ
وأنا أتونُ الفجرِ مِن آهاتِهِ…
قلبي على قلبي احتَرَقْ…
فالشامُ أُنثى يَستعيرُ الفجرُ مِنْ وجَناتِها لونَ الشّفَقْ
داسَ المغولُ على أنامِلِها الصّغيرةِ
لم يُقايض زِندُها
حرَقوا سنابِلَ شعرِها فطغى على النّارِ العبقْ
لما بَدا كالمَجدِ يزهو نهدُها
جنَّ القطيعُ علا الفحيحُ وزاغ بندولُ الحُدقْ
كم هائلٌ هذا البُعادُ بِشطِّ ذاكَ المُفتَرَقْ
ما بينَ مَن تلِدُ الطّهورةَ والرّؤى
حُبلى بميلادِ الألق
وخنوعِ حُبلى مِن سِفاحٍ بالدَّبقْ
كم هائلٌ هذا البُعادُ بشطِّ ذاكَ المُفترَقْ
يا شامُ وجهي لم يزلْ قطْرَ النّدى
كُرمى عيونكِ صاغراً أقضي فِدى
إني لأعزِفُ فوقَ أوتارِ الزّفيرْ
كي أُودِعَ اللّحنَ الأخيرْ
طَوعاً فقاعاتِ الغَرَقْ
وأعوذُ بالرّبِّ الجَميلْ
“مِن شرِّ ما خَلَقْ”
فأنا أتونُ الفجرِ مِن آهاتِهِ…
قَلبيْ على قلبيْ احتَرَقْ…