حنينُكِ طيفْ
وطيفُكِ ضيفْ
أحبُّ الضيوفَ فلا تسأليني أحبُكِ كيفْ
شهيٌّ نزيفي .. جراحي
إذا كانَ رمشُكِ سيفْ
دعيني أوَّرِقُ في مقلتيكِ
وذوبي بدمعي بريقَ التحدّي
كما ذابَ عطرٌ على جمرِ صيفْ
فندّى الهَجيرْ
ومرّي برَعشي تزدْ بي صَلابَةْ
وكوني سَحابَةْ
وفيئاً وظِلاً وغابَةْ
وغمداً إذا عُدتُ أرتاح كي يَحتويني
سألتُكِ حينَ الظلامُ صقيعُ القناعَةْ
وحينَ التراخي عنِ الدربِ كأسُ الوداعَةْ
بأن تحرقيني ادفعيني
إلى الشمسِ أحضرُ جَذوَةْ
وفي عُنفوانِ شبابي تمرّي
ليغدو حنيني على الدربِ نَخوَةْ
وحينَ يهدُّ المسيرُ يَقيني
ونعشُ النعاسِ يُسجي عُيوني
على ناهِديكِ افرشي ليَ غَفوَةْ
وكالمهرَةِ البكرِ كوني .. اقنعيني
بأني على ظهرِ صَهوَةْ
لأغفو وتصحو بروحي الرجولَةْ
ورشي على وجنتيَّ حكايا البطولَةْ
وقولي
أحبكَ تمشي إلى الفجرِ تمشي
فأرشفُ قُبلةْ
تسيرُ بنبضيَ شُعلةْ
وزاداً لرِحلَةْ
ألم ُّجراحي
وأغرسُ فوقَ النزيفِ سلاحي
وأمشي
حصانِيَ نعشي
بعينيَّ يرنو مدارُ التوثُّبِ
أفلتُ من جاذبيةِ كلِّ الرواسبِ
يصحو بريقُ الهدفْ
أفجِّرُ رعشي
وكالصَّخرِ رِمشي
وأمشي
بدربٍ لهُ وجهةٌ واحِدةْ
فألمَحُ في الدربِ حشدَ الرِفاقْ
وأنسى بزحمِ المواكبِ ذاتي.. أطيرْ
تضيعُ ملامحَ وجهي
ويبقى المسيرْ
فأشعرُ أنَّكِ فِكرَةْ
وأومنُ أنكِ ثورةْ
ألم يخجلِ الدهرُ حينَ الصمود
يبيعُ الشبابَ ويسفحُ عمرَهْ
سنمضي وإنْ عابَ هذا الزمانُ
علينا الدروبَ الطِوالْ
أجيبي طويلٌ طريقُ المجرَّةْ
ولا تسأليني عن الشوقِ إني
أظنُّ فؤادي تحوَّلَ جمرَةْ
عزائي بأنكِ حُرَّةْ
فأنتِ هناكَ احتراقْ
ومثلي وقودُ الربيعْ
معا نحنُ رَغمَ الفراقْ
فحينَ يضجُّ بقلبي اشتياقْ
أرى وجهَكِ الحلوَ يرنو بزندِ الرِفاقْ
لقد ذابتِ الذاتُ لكنَّ حُبي
تشامخَ في الكلِّ حتى أفاقْ
أنا لستُ فرداً
أنا كلُّ هذي الجُموع
أيا حبَها علمَتني الخلودْ
فما عدتُ أخشى بأنْ لا أعودْ
وهذا الحنينُ سِباقْ
وإن متُّ في الدربِ وسطَ الرِفاق
فما الموتُ إلا العناقْ
.. تعلَّمتُ منكِ حكايا دموعِ الرصيفْ
ملاحمَ جرحِ الرغيف
وأسرارَ بؤسِ الخريفْ
وحوَّلتِ قلبي ينابيعَ ضوءٍ
تشقُّ الظلامَ المُخيفْ
فلا تسأليني أحبكِ كيفْ
مشيتُ وحبكِ فوقَ الطريقِ علامةْ
ورايةُ ثأرٍ قديمةْ
تقصُّ علينا فصولَ الجريمةْ
وترسمُ لوحةْ
عليها نقوشُ الأظافرْ
وقصرٌ
وبيتٌ مِنَ الطينِ قربَ الحرائرْ
وسكينُ غادِرْ
وأشلاءُ زوجةِ ثائرْ
وأضلاعُ طفلٍ جنينْ
لقد عاجلَ الذبحُ يومَ الوِلادَةْ
وحوذيُ جوعِ السنينْ
وسارقْ
يقطِّعُ لحمَ العبيدْ
يوَّزِعُ فوقَ الصُحونْ
وحولَ الموائِدِ سادَةْ
وغيدٌ بغايا
يقامِرْنّ ..يلهوْنَ.. يجرعْنَ دمعي حساءً
وفي خمرِهم مِن جراحي أنينْ
أبا جرحُ ماذا يقولُ الأنين
أيا جرحُ كيفَ الخلاصُ وأينْ
أيا جرحُ فيكَ لسانٌ وعينْ
تمرَّدْ.. ألم يبِصرِ النزفُ سكينَ حاقِدْ
تمرَّدْ .. فكلُّ فقيرٍ هو اليومَ شاهِدْ
هنا الدربُ .. هذي الموائِدْ
أيا ثورةَ الجوعِ هذي الصخورُ
نباتُ العزيمَةْ
فحُتي ثراها امزُجيها بخضبِكْ
ليسري بنبضِكِ إصرارُ أرضي
وعزمُ الصمودِ الذي لا يلين
أيا ثورةَ الجوعِ هل تسمعين ؟
لقد كنتِ أنتِ الوليمَةْ
أيا ثورةَ الجوعِ لن يمحوَ العارَ
من قاسَمَ الغولَ لحمَ الغيمَةْ
أيا ثورة َالجوعِ باسمِ الضحايا
سألتكِ هبي
فأنتِ التي سوفَ تمحو الهزيمَةْ
++++++++