جَزَّت جدائِلُها صبايا الحيِّ
عربوناً لودِّ الحائطِ المَبكى
وما أبكى
نزيفُ الجرحِ في حيفا
شغافَ القلبِ من هَيفا
ولكنْ أدمَعَ العينَين
أنَّ الرمشَ في الجَفنين
غَدا نَصلاً لزيفِ الكُحلِ
كي يغتالَ مقلَتها ..!
ولم تبكِ على أطفالِها الأدّوا
طقوسَ العِشقِ فوقَ النَطعِ
تُدرِكُ أنَّهم سُجَّدْ
ولم تبكِ حَبيباً في اختلاجِ
الموتِ أبدعَ رَقصَةَ المَعبَدْ
ولكنْ فاضَ دمعُ العَينْ
على مَنْ بايَعَ الكُهّان
محنيّاً يُقبِّلُ قبضةَ السكينِ والكفَّين
ومرميّاً كَدودِ الأرضِ يلعَقُ
للقنافِذِ شوكَها ويبوسُ عورَتها
يبكي ويلطمُ ناسياً أنَّ القنافِذَ
تحتسي مَرَقَ العيونِ وتقضمُ
الأعصابَ في الصبحِ الكسيحِ
أناملَ الأطفالِ .. تجرعُ في المساءِ
جروحَهم بِجماجِمِ الأبطالِ ..
كأسُ الدمِّ نشوتُها
وبأنَّ أرياشَ العصافيرِ الذبيحَةِ
في مَخدَّتِها
هيفا تُعاوِدُ رسمَ صورَتِها
رعداً وتشطبُ من سِجلاتِ النفوسِ
القنفذَ العبريَّ .. تُسقِطُ
اسمَهُ من سطرِ خانتِها
جَزَّت جدائِلَها صبايا الحيِّ
عربوناً لودِّ الحائطِ المَبكى
وكم أبكى شِغافَ القلبِ من هيفا
بأنَّ حبيبَها المنسيَّ في المَنفى
يُغني شَعرَها الأجعَدْ :
فداكِ الروحُ ياهيفا .. أنا المُبعَد
فتشدُّ خصلاتِ الوَفاءِ
تعضُّ عقدتَها
وتبثُّ آهاً تُخجِلُ البركانَ حرقَتُها
قَصَّت أميراتُ القصورِ
سوالفَ الإذعانِ وسْطَ مخادعِ
المرجانِ تستجدي المزادَ
وعرَّت نصفَ سرَّتِها
وبناتُ آوى
حينَ ساومَها المقاولُ بالكرومِ
تبَرَّجَت
جزَّتْ عن الأعناقِ فروتَها
لكنَّ هيفا ..
لم تبعْ هيفا ضفيرَتها
هرمَ الشعاعُ تحطَّمت مرآتُه
لكنَّهُ ما زالَ في أحداقِها ..برقاً
.. فتيّاً .. رائِعاً وَلَدا
شاخَ اندفاعُ الريحِ ، تحطَّمت عنفاتُه
لكنَّه ما زالَ في تنهيدِها سَنَدا
وتمزَّقَ الحلمُ الجميلُ تجرَّحت آهاتُه
وتكسَّرَ المِشطُ الذي صانتهُ في تجعيدِها
لكنَّ هيفا لم تزلْ حلماً تؤرِّجُ عيدَها
ترمي إلى أفقِ الأصيلِ شباكَهُ
كي تستعيرَ الشمسُ فجراً جيدَها
نشرت على النسماتِ غابةَ شعرِها
غَرَست بفوديها سوَيقَ الذكريات
ومَضت إلى الشفقِ الجريحِ
لكي تشدَّ قميصَها فوقَ
النزيفِ تدقُّ قرصَ الشمسِ
صنجاً يعلنُ البدءَ الجديدَ بوجهِ
أبطالِ المَمات
وتقولُ للأطفالِ أنَّ السنديانَ
يخرُّ إنْ يأكله دودُ اليأسِ
لكنَّ الرشيمَ يشقُّ حتى
الصخرَ إنْ عشِقَ الحياة ..
وهناكَ عندَ منابعِ الزمنِ المُعطَّرِ
بالرؤى والأغنياتْ
تصحو الشموسُ فتيةً
لتزفَّ رايتَها
ويسجِلُ التاريخُ مجداً فوقَ جبهتِها
لا لمْ تبعْ هيفا ضفيرَتَها
هيفا تُغني طِفلَها الأرزيَّ
ترسمُ نهدَها الجمريَّ
في ثغرِ المَلَكْ
قُمْ واستَعِدنا من بطاقاتِ الهويَّةِ
وانتماءاتِ التمزُّقِ
طفلةً تندى وتركضُ واعِدَةْ
وائذن لقاداتِ الجيوشِ الراعِدَةْ
أنْ تستعيرَ حصانَكَ الخشبيَّ
إنَّ قميصَكَ المفتوحَ بالنسماتِ رايتُنا
وقبلتُنا إنْ حجَّت الأرواحُ تغدو منزِلك
قد أطفأوا بالقصفِ كهربةَ الإنارةِ
ما دَروا انَّ الشموسَ مدينةٌ في بعلبك
قُمْ واستعِدنا أيَّها الطفلُ الجنوبيُّ
التماعاً من وجيعِ النورِ
يرسمُ في القذائف ..( مجدَ لك )
قُمْ .. ما عروسُ الموتِ إلا طيفُ مجدٍ حاوَلك
تأتيكَ خاشِعةً لتلثُمَ صندَلك
المجدُ لَك
جنَّ الحديدُ فجَندَلك
متهلِلا كالشمسِ مُبتَهِجاً
بينبوعِ الدماءْ
فرِحاً بِحضنِ الأرضِ معجوناً بها
وعلى جبينِك قد بَدَت – لكأنَّ في درسِ
الرياضةِ- بضعُ حبّاتِ العَرَقْ
اوجَعتَ قلبي بالفَرَحْ
وجَرَحتَ رووحي بالإِباءْ
تاجٌ على قوسِ قزحْ
يا أيَّها الطفلُ الرَجاءْ
صحفٌ وَرَقْ
عَلَمٌ خرَقْ
عِشقٌ دَبَقْ
بِكَ أنتَ وَحدَكَ للعَبَقْ
شجرٌ شوارِعُكَ المُثارَةْ
أغصانُها قذفٌ وتفّاحٌ حِجارَةْ
فلْتركَعِ الحُروفْ
ولْتَسجُدِ العِبارَةْ
هيهات ترسُمُكَ استِعارَةْ
خَمَّرتَ وَمْضَكَ في البروقِ من العُروقْ
والنارُ أوَّلُها شَرارَةْ
يا فَرحَتي بالجوعِ إنْ كانَ الحِصارْ
دَرْساً يُفَنِدُهُ النشيدُ بِثغرِ
أطفالي الصِغارْ
وتحلُّ لثغَتُهم بِرغمِ العَتمِ
أسئِلَةَ النهارْ
هيفا السلامُ الذي ما باعَ
ذاكرةَ الدِماءِ
ولا يساوِمُ في تقديسِها أحَدا
هيفا السلامُ غداةَ ينصِفها إذْ
يَرفَعُ الشهداءُ – كالأغصانِ
تعلو كلَّ شاهدةٍ –
زنداً تَعرَّقَ يَحمِلُ
شارَةَ النصرِ يَدا
لكأنَّهم مَدّوا إلى التاريخِ أذرُعَهُم
من برلمانِ الغيبِ وانتفَخَت حناجِرُهُم
لِيُصَوِتوا عن جَحفَلِ الأحياءِ
من لِلذلِّ قد عَبَدا
هيفا السلامُ حدودُها أزَلٌ
يمتَدُّ بينَ ضلوعِها أبَدا
لكنَّهم ثقبوا ضُروعَ الأرضِ في الحَرَمون
أخدوداً مِنِ العَلقِ الشَروهِ
ليَمنَعوا عنها الشرابَ
ولمْ يَزلْ يسقي الحنينَ
بِحُضنِها بردى
شَرَدَتْ غَماماتُ الوعودِ عن الرعودِ
وَوَعدُها صلّى غمامَ الصدرِ ما شَرَدا
هيفا إنِ اسْتلَّت سنينُ القَحطِ
سيفَ القَهرِ في وجْهِ المناخْ
لاستَنهَضت في وجهِهِ ..( أدَدا )
صعبٌ مَخاضُ الفجرِ ياهيفا
والشمسُ لا تصحو بِهِ
إن حلمُها في الأفقِ ما اتَقَدا
نحنُ الحريقُ وحسبُنا ألقاً
أنّا نُعيدُ إلى الرصَفاتِ غُرَّتَها
وأنَّنا جيلٌ يفوحُ سَنا في
ومْضِ غُرَّتِها
ويظلُّ يهتُفُ حينَ يلثُمُها
لا لمْ تَبِعْ هيفا ضَفيرَتَها
هيفا دمشقُ .. وبِنتُ حارَتِها
*************