لاتعجب

لا تعجبْ ..!
إنْ تُمطِرُ تيناً أو سَحلَبْ
وتماسيحاً تتمطّى
وذئاباً وقروداً تلعبْ
لا تعجبْ..!
إنْ كنتَ سَمِعتَ من المذياعْ
هرجاً ونِباحاً صلباً ..أغنيةَ
الموسمِ لا تُغلبْ
في الأمرِ وضوحٌ وبساطَةْ
كلُّ القاعاتِ بِلا أبوابْ
لكنَّ عليها حراساً
كالجّانِ وبالشوكِ مُحاطةْ
إن كنتَ تريدُ دخولَ الملعبْ
فاهمسْ في إذنِ الحراس : وساطة
***
لا تعجبْ..!
لا .. لا تتعجبْ..!
عندي ألغازٌ مفجِعةٌ
وحكايا قد تبدو أغرَبْ
أسمعتَ بفأرٍ أفزعَ فيل…
أسمعتَ بشبرٍ لا أكثر..
قد قاسوهُ بألفَي ميلْ
أسمعتَ بيأجوجَ ومأجوج
..إنسان في حجمِ الإصبَعْ
حينَ يسيرُ تدقُ طبول
آلافُ الناسِ إليه تقول:
ما أروعَ هذا الطول !!
لا تعجبْ..
أسمعتَ بديكٍ يذبحُ ضبعاً
عندَ المغربِ يأكلُ ثعلبْ
أشباحٌ نحنُ بمرآةٍ حدباءَ تموجُ بِدوّامَةْ
مَنْ يمشي منتَصِبَ القامةْ
في المرآةِ هوَ الأحدَبْ
لا تعجبْ .. لا .. لا تتعجبْ..!
السجنُ فسيحٌ والمنفى
في الحيِّ وقد يغدو أقرَبْ
الضفدع يصبو .. يتحدى اللبَوة
ينتفخُ الضفدعُ .. يتدربْ
واللبوةُ حَيرى تتقلَّبْ
الضفدعُ يقرأُ .. يدنو .. يتأدَّبْ
واللبوةُ حَيرى تتقلبْ
وبذاتِ مساءٍ .. لا تعجبْ..!
اللبوةُ في ذلٍّ تُصغي
والضفدعُ يأمرُ مختالاً خلفَ المَكتَبْ
***
لا تعجبْ..!
فبذاتِ صباحٍ قد تلقى
أقزاماً عُرياً تتوارى
تساءَلُ تبحثُ عن مَهرَبْ
قد بسمَ الصبحُ لهم يوما
فرموا أقنعةً وثياباً وتعرّوا سكِروا
جعلوا وطني كالملعَبْ
غرِقوا في بَحرِ اللذاتِ
أكلوا من لحمِ الأمواتِ
لم تُتركْ منطقةٌ صُغرى
في الأرضِ وفي صَدرِ الغيماتْ
لم يُحفرْ فيها حبُّ الذاتْ
قد ظنّوا الدفءَ لهم أبداً
يبقى في الجوِ ولا يذهبْ
لا تعجبْ إن يسألكَ عراةٌ عن مَهرَبْ
فالجوُّ بوطني يَتقلَّبْ
***
مخدوعاً كنتَ أيا قلبي
مذ جئتَ العالمَ كي تصفحْ
والدمعَ عن العينِ لِتمسَحْ
كتبوا إعلانا عن مَسرحْ
صالتُه في كلِّ الطُرقاتِ
( كوميديا العصر )
الضحكُ هنا
وزهورُ الفرحِ هنا تنضَحْ
أدخُلْ وتفرَّجْ كي تفرح
.. ودخلنا في هذا المَسرح
وتعالى الضِحك المُرعِبُ والتصفيق
الضحك هنا ..
قططٌ عمياءُ على المسرح
وملقِنها كلبٌ ينبح
آهٍ والمشهدُ يا صحبي
حُبلى تُذبح
***
لا تعجبْ..!
إنْ شاهدتَ بُعيدَ الصُبح
بركاناً من ثغرِ الجُرح
السفحُ القِمةُ والقِمة في ذيلِ السفح
الحبلُ يئنُّ يُمزِّقُه بالثورةِ عنقُ المشنوقين
والجرحُ يثورُ بِلا وَجلٍ ويعضُّ على نصلِ السكين
والراحلُ من ساحِ الإعدام
يتقدَّمُ كوكبةَ الأعلام
كالنجمِ الأزرقِ يتقدَّم
ويشع بريقا … يتقدم
وستارُ الظلمةِ .. يَتحطَّم
كرؤىً في الأفقِ وفي الأحياء
في المصنعِ في الحقلِ الغافي
في الريفِ وفي قلبِ المنجَم
لا يظهرُ لكنْ ..يتقدَّم
كحصانٍ أشهبَ .. لا يتعَبْ
لن يُكمِلَ عامٌ دورَتَهُ
ويدوِّنَ فيها صفحتَهُ حتى تُقلَبْ
سيحاصِرُهُ سربُ الغربانْ
ويُساقُ إلى قَصرِ السجّان
ويُذاعُ على كلِّ العُربان:
ستقامُ المِشنَقةُ الكُبرى
لِيعلَّقَ فوقَ الحبلِ حصان ..
ويُعلَّقُ عندَ الفجرِ حصان
يتدلّى لكن يتكلَّم
فيشيرُ بإصبَعِهِ السجان
يُرمى بالنبلِ وبالنيران
والمهرُ الأشهبُ .. يتكلَّم
الشعبُ يحُرِكُ أرجُلَهُ
خطوة ..
ثنتان..
نحوَ الجلاد .. يتقدَّم
فيضجُ السجان الأعظم
بالسيفِ يقطِّعُ أضلعَهُ
أو يسلخُه حيناً يطعنَهُ
والمهرُ الأشهبُ وسْطَ الدم
مذبوحٌ لكنْ يتكلَّم
الشعبُ يُسرِّعُ خطوتَه
نحوَ السلطان
يتقدَّم .. خطوة ..ثنتان .. يتقدم
لا تعجبْ بعدَ هُنيهاتٍ
الشعب ُيسيرُ بفرحتِهِ
يتقدَّمَهُ المهرُ الأشهب
والحبلُ بعيداً يتدلّى منه السجان
فالشعبُ الثائرُ لن يُعدم
*******