العفريت والزوج النائم

أحكي الليلةَ عن رجلٍ مجنونْ
كانَ مريضاً بالطاعون ..
وكانَ يُغني
حتى أنقذَهُ السيلُ .. وظلَّ يغُني
لما ارتاعَ لسيلِ النزفِ على المنديل
استنجدَّ بالشللِ القدسيِّ ..وراحَ يُغني
كانَ التخديرُ ضباباً في ساحاتِ الحلمِ الأبلَهْ
فتحوَّلَ في وجهِ الريحِ شراسةَ نمرٍ
رُصَّتْ في أنيابِ خِطابْ
ثمَّ تحولَ نسراً للرعبِ على أجنحةٍ
لمكبَّرِ صوتٍ صارَ يطيرْ
يا أوليسْ..
ضاعَ زمانَ المَرَدَةْ
فإلامَ بهذا الركبِ تسيرْ
سُفنِ الرحلةِ أعرِفُها ترسو قربَ غِطاءِ سريرْ
.. أحكي الليلةَ عن رجلٍ من عَصرِ جريرْ
ما زالَ يعيشُ معَ الأوباءِ .. معَ الفقهاءْ
مرصوداً بالطلسمِ يورِقُ في حلقاتِ الذكرِ
ويقنعُ بالدرجاتِ : غنياً وفقيرْ
يبتاعُ دواءَ الضعفِ الجنسيِّ من العطّارين
أو يفصدُ دمَّهُ عندَ الحلاقين
يلتاعُ فيُقنِعُهُ الصبرُ كما أيوبْ
وبأنَّ قناعَتَهُ كنزٌ ليسَ يذوب
وبأنَّ جميعَ مصائِبِهِ قدرٌ مكتوب

الليلُ يُداهِمُ كوخَ الموبوءِ تهزُّ
الزوجةُ صدرَ النائمِ .. تصرخُ في أذنيه: تحركْ..!!
أطلقْ صوتَ نفيرْ
… الليلُ تجاوزَ صحنَ الدارْ
المنزلُ تسكنُهُ الأشباحْ
.. ما ذا:  حسناً سنعوذُ بجاهِ البازِ وسيدِنا المولى
ثم بقدرةِ قادر.. قامَ توضأَ صلّى
ودعا بالنصرِ على العفريتْ
ثم ارتاحّ لدفءِ النهدِ فنام
–    : الليلُ على الشباكِ عفاريتاً ترمقنا ..
تحملُ سوطَ الريحِ صفير..
.. المشلولُ يحرِكُ جفنيهِ ويبتسمُ
.. يتقلَّبُ ثمَّ يعودُ لحلمِ المجدِ أعاصير
-: العفريتُ اخترقَ الباب
.. المشلولُ يرتِّلُ من آيِّ الجنِّ المسحورة
كي يطردَهُ خدّامِ السورة
–    : العفريتُ تقدَّمَ يلهثُ شبَقُ النزوةِ في عينيه
..الزوجةُ تبكي وهيَ تهزُّ الرجلَ الغافي
تصرخُ في أذنيه ..
وعيونُ المشلولِ تسافرُ من حلمٍ نحوَ الآخر
-: العفريتُ تعرّى أطفأَ ضوءَ المصباح
.. رفعَ العفريتُ غطاءَ المشلولَ انتزعَ الثوبَ
اختلجَ الجسدَ البضَّ .. ابتدأَ اللمسَ .. اندسَّ
اهتزَّ سريرُ الزوجية
المشلولُ يحاربُ في الكابوسِ ويشتمُ غزوَ الهمجية
الزوجةُ تصرخُ : وارَجُلاه
المشلولُ .. يغطُّ .. يخطُّ على الشهقاتِ شعارَ مسير
يرتجُّ .. يصيحُ من الأعماقِ بصوتِ نفير
تشتدُّ وتكتملُ المأساةُ ولا نسمعُ
غيرَ القهقهةِ من العفريتِ
وصوتِ شخير
******