موت بنلوبي

أحداقُكمْ .. متسائلةْ
الجوعُ صهرُ بيتِكمْ
والقهرُ ربُّ العائلةْ
أحداقُكمْ.. متسائلةْ
من أينَ مرَّ البرقُ ليلَ البارحة؟
المُهرُ كانت جامحةْ
والومضُ في السكينْ
الجرحُ في حلوانْ
والنزفُ في حِطينْ
من أينَ مرَّ الحزنُ ليلَ البارحة؟
والنارُ في الأجفانْ
الموتُ في اليرموكْ
والقبرُ في لبنانْ
من يشعلُ النيران؟
من يشحذُ السكين؟
صُراخُكم سُكوتْ
مسارحُ الحروبِ في ضجيجِكم أفلامُ كرتون
وسيدُ النِزالِ دون كيشوت
أقولُ في انكِسارْ
وترحلُ الأقمارُ .. والأشعارُ ..
والربيعُ .. والنهارْ
( أوليس ) لم يزلْ مقاتِلا بلجةِ البِحارْ
لا لم يُغَيّرْ موقعا .. لكنَّهُ الحِصارْ
غطّى جفونَ الثائرينَ وشكَّ أصفادَه
أتُقاتِلُ التيارَ حينَ يقودُكَ التيارْ
عنقُ العبيدِ بقبضةِ السادة
( أوليس) لم يزلْ مقاتلاً بلجةِ البِحارْ
لم ينس أمجادَه
لكنَّهم شدّوا لأرزِ المكرِ بنلوبي
وشادوا من رُبى بيروت
حصانَ طروادة
عودوا إلى البيوتْ
أنا رأيتُها تموتْ
فراشةً تغشى حنينَ الضوءِ
والشعاعُ في خفوتْ
تسربَلتْ بخيطِ عنكبوتْ
وأُحكِمَ الحصارُ مثلَ فكِّ حوتْ
أنا رأيتُها تموتْ
مطعونةً بالحبِّ .. بالفداءِ .. بالشهيدْ
مذبوحةً من الوريدِ للوريدْ
وكنتُ يومَ قتلِها الشاهدَ الوحيدْ
رأيتُ في عيونِها بريقَ دمعتينْ
وذوبَ شمعتينْ
عليهما الشعاع ..
.. مرنحٌ حزينْ
يسائِلُ الأنينْ
أوَ ليسَ بعدَ هوةِ السفارِ من قرارْ
وأوسعتْ ضريحَها بحربةِ الشِعارْ
روما تعيدُ ملكَها العنيدْ
الموتُ للعبيدْ
ياسكةَ الآلامِ .. دربُ النزفِ
هل يفضي بنا لو مرةً
للعالمِ الجديدْ
العنقُ باتَ كمانْ
وحولَه الكُهانْ
تُرتَّلُ الصلاةُ والطقوسُ مثلَ عيدْ
فالقوسُ فوقَ الجيدْ
سكينةُ النشيدْ
وكنتُ يومَ ذبحِها الشاهدَ الوحيدْ
راحوا يغنونَ المساءْ
لشعرِها الطويلِ كالحرائرْ
وجدّلوهُ .. جدّلوا
وفيهِ كم تغزّلوا
وحينَ لاحَ أنّها حبلى بثائرْ
قيدوها بالضفائرْ
حاروا فساقوها إلى التلِّ الخضيلْ
من كلِّ صوبٍ أوفدوا سيفاً يقاتِلْ
حتى يضيعَ الدمُّ ما بينَ القبائلْ
مسلوخةً ممدة
وظلُّها .. غزالةٌ مشرَّدةْ
تبحثُ عن جذورِ النارِ
في مزارعِ الجليدْ
وكنتُ يومَ ذبحِها الشاهدَ الوحيدْ
يا صمتّها الجليلْ
يا وردةَ المحالْ
شموخُها مع الركوعِ للرحيلْ
إدانةُ الرجالْ
عودوا إلى البيوتْ
أنا رأيتُها تموتْ
رأيت قاتلَ الخصوبةِ .. القريبَ والبعيدْ
رأيتُ كيفَ أفرغَ الوريدَ
في زجاجةِ المفاوضةْ
رأيتُ كيفَ حزَّ نهدَها ودسَّهُ كلقمةٍ
لصيحةِ المعارضةْ
رأيتُ كيفَ شدَّ جلدَها على الطبولِ
يا فجيعةَ الحذرْ
وحينَ تُقرعُ الطبولُ باسمِها
نهبُّ علَّها تكونُ في خَطَرْ
بنلوبُ.. ياطعينةَ الرثاءْ
ماذا يقولُ الجرحُ للدماءْ
ماذا تقولُ الشمسُ للضياءْ
توحَّدَ الشعاعُ والظلامُ في الأصيلْ
والظلُّ والظليلْ
بلحظةِ الرحيلْ
وكنتُ يومَ سحقِها الشاهدَ الوحيدْ
إفادتي ياسادتيْ
مشفوعةٌ بأدلةِ الإثباتِ والقولِ السديدْ
لاتنظروا نحوي .. سأصمتُ من جديدْ
ما نفعُ صوتٍ جامح ٍ
ينأى عن التردادِ فيهِ مخافةً حتى الصدى
ويدسُّهُ الخفاشُ في التقريرْ
لن أخشى حبالَ الشنقِ أو طوقَ الحديدْ
لكنني في الصمتِ أنتظرُ القضاةَ
القادمينَ من الجموحْ
لا لن أبوحَ اليومَ إني لن أعيدْ
كي لا يموتَ فجأةً بصدفةِ القّدّرْ
الشاهدُ الوحيدْ.