أما زلت تحلم بالياسمين

أما زلتَ تحلمُ بالياسمين
ودربُكَ صخرٌ .. وشوكٌ .. وطين
ترفُّ جفونُكَ عندَ الصباحِ
رفيفَ الجناحِ
المسافرِ فوقَ الشعاعِ
بوهجِ التماعِ الأماني
وحلمِ الأغاني بفجرٍ جديد
ويبقى خيالُكَ حلما
وموعدُ حُبِكِ نجما
بعيدَ المنالِ .. كأنْ لن يحين
لِمَن أنتَ تُفني ارتعاشَكَ
تُخفي اندهاشَكَ
عن ضوءِ شمعِ الحنين
بصمتٍ يذوبْ
كأنَّ القلوبْ
تُحاصَرُ مثلك بالجُندِ والجوعِ والخائنين

.. أما زلتَ تحلمُ بالياسمين
وكنتَ تُغني الربيع
بأحلى الأناشيدِ تسقي الغراس
وقلتَ : العصافيرُ رمزُ الطفولة
وعشبُ الصمودِ مراعي البطولة
وبسمةُ حبٍ بثغرِ الرفاق
شعارُ التَفتُّحِ .. خصبُ التبرعُمِ
ضوءُ الحياةِ الجديدة
وها أنتَ تُصلبُ باسمِ الربيع
فينمو بزندِكَ سيفُ الشعاع
وتأتي عصافيرُ حُبِّكَ .. دربكَ
تنقرُ عينيكَ رغمَ التماعِ الأنين
أما زلتَ تحلمُ بالياسمين
هو الدودُ ينخرُ حتى الجذور
هي الريحُ تنبشُ حتى القبور
ألا ما أفقرَ النصرُ بين المرايا
تقاتلُ ظلَّكَ تهربُ منكَ الأصابع
تحطِّمُ وجهَ الخصومِ التوائمِ .. يغدو
جبينكَ تلَّ شظايا
تحاربُ قحطَ الدروبِ بسيلِ الخطايا
فتهربُ منكَ المزارع
وتحصدُ قمحَ الجراحِ فَمَنْ ذا سيدنو
لخبزِ الطريق
وقد خُمِّرَ الخبزُ مِن دمِّ جائع
ويعلو الضجيجُ فينسى هديرُ المراجلِ
يغلي غبارُ التدافعِ ..سيانَ
من يهملُ الخصبَ وسْطَ المداخن
هل كنتَ تهجو أمْ أنتَ المُدافِع ..!!
ستهربُ منك المصانع
لماذا تُساقُ الليالي لجرحِ الحنين
وتزرعُ نبضَكَ علَّ السنين
تشتِّلُ أفقكَ مزنَ صلابة
تحوِّلَ دفقَكَ هَطلَ سحابة
لكي ينبتَ الزهرُ للقادمين
… تُغني ولا أذنَ تُصغي .. وكم شوهوك
فصاغوا حنينَك مكرا
وصوتَك نُكرا
حريقُ النداءِ استباحَ الشفاه
وحتى الرنينُ يعودُ إليك
حزيناً ..حزين
أما زلتَ تحلمُ بالياسمين ..؟
وكم قلتَ ماتَ المُحال
وأكبرُ من كلِّ قهرٍ إباءُ النضال
تفحَّصْ مواتَ الزمانِ بعينيكَ
غزوَ السنينِ بوجهِكَ
فتشْ عنِ العمرِ قبلَ الزوال
ألم يُدركُ القلبُ بعدَ احتلالِ النحولِ
وبعدَ الهزال
بأنَّ الرغيفَ بهذا الزمانِ المجوِّع ِ
أكبرُ من كبرياءِ الرجال
متى يُخصب الفجرُ حُباً
وطلعُ البراعمِ نزفٌ وطين
وقد زيَّفَ المكرُ حتى هطولَ المطر
أما زلتَ تحلمُ بالياسمين
هو القحطُ غطّى جفونَ الحقول
كفى الحلمُ قهراً ..فماذا تقول..؟
… سأبقى أُغني بليلي الحزين
وأحلمُ بالزهرِ .. والضوءِ .. والياسمين
وحتى العصافيرُ إن جرحتني
وخطَّتْ بجفني مسيلَ النزيف
ستلمحُ ضوءَ الشعاعِ بعيني
وترجعُ يوماً لصدقِ الرفيف
أنا ما ولدتُ بأفقٍ ظليل
وأعلمُ أنَّ احتراقي طويل
وأني سأُقهَرُ .. أصلبُ ..أُكوى اشتياقا
.. وقد أرتمي فوقَ حُلمي قتيل
لأنَّ الخيامَ الجسورَ السجونَ الكمائن
على الجرحِ ظلت تضاريسَ شعبي
لأن الهويةَ كرتُ الإعاشة
لأنَّ الهمومَ ارتطامُ الجبال
لأنَّ احتراقَ الخلايا وقودُ الشتاء
وآهاتِ قهرٍ نسيمُ الهجير
لأنَّ زحوفَ الرمالِ العقيمة
تحاولُ سحقَ الربيعَ برحمِ التِلال
لهذا تكونُ الخيانةُ يأسَ الرجال
وصمتُ الغيومِ احتضانَ الجريمة
سأبقى أحبُّ المطر
وإنْ لطَّخَ الوحلُ حتى جفوني
هو الماءُ صافٍ بسكبِ انهمار
تعالوا نزيحُ الغُبار
من الأفقِ يندى شروقُ الربيع
لئنْ كانتِ الريحُ بالغدرِ أقوى
فخلي جذورَكَ في الأرضِ أقوى
وفيمَ التغني بحصنِ الدروع
إذا لم يكن حولَ جسمي نِصال
.. رفيقي إذا كانَ دربُكَ حلواً
شهياً طريَّ الرمال
فكيفَ نُسمي النضالَ.. نِضال
سأبقى أغنيكَ حباً رفيقي
بعطِر الحنين
أما زلتَ تكفر بالياسمين