نحن لا ننسى رموزنا الشامخة أبدا

نحن لا ننسى رموزنا الشامخة أبدا

 

 

فرج الله الحلو! إنه اسم أقوى من الأسيد. هذا المناضل الشهم الذي لم ينحن لجلاده فذوبه في الأسيد… مر على هذه الجريمة أكثر من ستين عاما (منذ عام 1959) لكن اسمه ما زال رمزا مشعا لنضال الشرفاء، ولم يعد أحد يذكر عبد الحميد السراج الذي قتله… ومن روائع ما غنت فيروز هذه القصيدة التي كتبها فرج الله الحلو! وأنا أتخيل وجهه الوديع البسام كلما سمعتها فأدرك أنه حي بيننا!

يسألني بعض الأصدقاء هل كتبت عن فرج الله الحلو؟ لقد كان فرج الله الحلو وسعيد دروبي وحسين عاقو “قتل وهو يدافع عن مكتب الحزب” وغيرهم ممن قتلوا أو صمدوا تحت التعذيب في السجون مبعث إلهام دائما للمبدعين التقدميين عموما، وتبدى ذلك بالنسبة لي في العديد من القصائد حتى وإن لم أذكر الأسماء أحيانا من ذلك مثلا:

في قصيدة “الأممية العاشقة” :

” كبلوني بالحديد

ذوبوني بالأسيد… يا جفون الشمس إني لن أحيد…. ”

وفي قصيدة “الفولاذ” المهداة لجيل الشباب:

” ربما تنسد في وجهي الدروب

أو شريدا سوف أمشي في الشوارع

متعبا عن بسمة ظمأى ألوب

ربما ينساح جسمي في أسيد أو يذوب

غير أني سوف أبعث في الزوابع

أتنامى بعد موتي في المصانع…”

ويسعدني أن الصديقين سمر فندي، ونبيل زمام، استشهدا بقصيدة معزوفات على الجرح اليساري وفيها:

” يا رفاقي الطيبين

إنني أستحلفُ الخفقَ الذي يُحيي جيادَ

النارِ للأفقِ الجديد

باسمِ ياقوتِ الوريد

باسمِ دهشات العيون

باسمِ فجواتِ اكتواءِ اللحمِ في وجناتِ ثائر

أُطفئت في جلدِهِ المشدودِ أعقابُ السجائر

باسمِ عشبِ الكبرياءِ الأنْبَتَتُهُ حروفُكم يوما

بجدرانِ السجون

والرحيلِ إلى أتونِ الذاكرة

من فقاعاتِ المحاليلِ التي تبدو

لطلابِ العلومِ بنفسجة

نحوَ تذويبِ المساماتِ العصيَّةِ

في اتقادِ الأنسجة

عندما يرتادُ طيفُ (الحلوِ) في حوضِ الأسيد

باسمِ إيقاعٍ تنامى في السلاسلِ والحديد

باسم سعيد

لا تموتوا يا رفاقي الطيبين

هلْْ تُراكم تذكرون

كيفَ ردَّدنا اليمين

نحنُ من يبني الطريق

في حقولِ النورِ والفجرِ الطليق

جيلُنا الآتي له دورُ الحِراثة

أيُّ أرثٍ يبتغي الأطفالُ منا ؟

إن شُغِلنا يومَ تخزينِ العزيمةِ بالولائمِ والشتائم

والخَوابي طَحلَبت فيها عفوناتُ البذار

افتحوا الأجفانَ كُرمى للصِغار

إنَّهم حبلُ الإغاثة

صدِّقوني إنْ بقيتمْ مُغمضين

سوفَ يأتي الجيلُ أعمى بالوراثة”