هكذا عيسى تكلم

معجزاتُ الأمسِ من رؤيا الذي نحياهُ

هذا اليوم مرصوداً بِطوطمْ

عندما عيسى تكلَّمْ

اليسوعُ الطفلُ لم يفزعْ لمرأى صلبِهِ

الآتي المُحتَّمْ

هالَهُ ما قد تراءى قادماً بعد قرونْ

ما نعيشُ اليومَ في الزمنِ الحرونْ

فوقَ عنقِ العصرِ سكينٌ مُثلَّمْ

طحلبُ الأشتاتِ يحتلُّ الشواطي

وشراعَ الأغنياتْ

وقضاةٌ من حضاراتِ الأغاعي والجنونْ

أرضُهُ وهو الفلسطينيُّ أرضاً ثم صلباً

وجراحاً يُنكرونْ

عِرضهُ وهو الهوى الطينيُّ سهداً ثمَّ

قلباً وكفاحاً يهتكونْ

الجرادُ اكتظَّ محموماً بدربِ الجلجلةْ

حانقاً يغتالُ رمشَ العينِ يصطادُ الفراشْ

ومياهُ البحرِ في الشطِّ الفلسطينيِّ

نصلُ المِقصَلَةْ

تتهاوى شفراتُ الموجِ حتى

وسْطَ أحلامِ الفِراشْ

وشمّ صكٍ ختمَ بنكٍ وائتمانْ

عندَ توقيعِ البيانْ

سربَلوا في الهامشِ المخبوءِ

عصفوراً بدبوسِ الأمانْ

حرَّموا ما حللَ اللهُ دفاعاً عن رُشيمٍ

حلَّلوا ما قد تحرَّمْ

وفلسطينُ الرهانْ

إنّها العذراءُ وجهٌ يتجلّى في الزمانْ

حالةٌ ليستْ تُترجَمْ

وعيونٌ مَجدليّةْ

كلُّ أصحابِ الخطيَّةْ

قد تباروا كيفَ تُرجَمْ

لكنَّما العذراءُ أرضٌ من رنيمِ اللهِ

صوتٌ أيقظَ الأحشاءَ حيّا

عندما هزَّتْ بجذعِ النخلِ للمولودِ وهْنا

فتهاوى فوقَها رطباً جنيّا

لم تكنْ تُدرِكُ شيّا

غيرَ أنَّ الطفلَ مُلتاعاً نديّا

عبْرَ مرآةِ انكشافِ السرِّ غطَّى وجهَهُ 

من هولِ ما يأتي مع الأزمانِ مهموماً شقيّا

ماجَ طيفٌ في الفراغْ

راسماً وجهَ يهوذا

حاكماً أو عسكريّا

يرتدي الطربوشَ تركياً وحيناً يرتدي

في محفلِ الصيحاتِ زيّا يعرُبيا

يتراءى عنكبوتاً خلْفَ أسلاكِ المخيّمْ

راصداً حتى رنينَ الآهِ في الثغرِ المُتيّمْ

 

معجزاتُ الأمسِ من رؤيا الذي نحياهُ

هذا اليوم والمخبوءُ أخطرْ

ما الذي يهمي إذنْ

طلقاتُ المَنِّ والسلوى

ونابالمٌ هدايا العيدِ والحلمِ المُكسَّرْ

وجذوعُ النخلِ جنزيرٌ يفتُّ هياكلَ الأطفالِ

والزيتونُ بلدوزرْ

ورفاقُ الأمسِ جندرما لدى الحاخام تَسكَرْ

 

إنه وجهُ يهوذا كلَّ جيلٍ يتكررْ

عالمُ الأصفادِ والأسيادِ روما تستعيدْ

قيصرَ العصرِ الجديدْ

يتسلّى اليومَ في استعراضِ فنِّ الموتِ

والتشريدِ يبني مَدجنَ الجُندِ الذئابْ

لاكتمالِ العرضِ في نهشِ الرِقابْ

لا بدَّ من شعبِ العبيدْ

 دولةٌ من غير حُلمٍ قد نأتْ عنها الحدودُ

بلا قريبٍ أو بعيدْ

ضفدعٌ من نسلِ ديكٍ باضَهُ في القدسِ

ما بين الصديدْ

سيبيضُ الفجرَ طابوراً من الغربانِ

ديكاً دونَ عُرفٍ تُرفعُ الأعلامُ في تفقيسِهِ

يختالُ طاووساً و ينعزِفُ النشيدْ

وحماماتٌ مهيضاتُ الجناحْ

لم تُعمِّدْ طفلَها إلّا لكي يغدو الشهيدْ

والنياشينُ التماعاً مأتمٌ في ثغرِ عيدْ

قد رأى ما نحنُ فيهْ

هزَّتْ الرؤيا اختلاجاً دمعَ أحداقِ اليسوعْ

وأضاءتْ ومضةُ العينينِ آلافَ الشموعْ

شدَّ شالَ الصدرِ خوفاً وتلعثمْ

راعشاً في حضنِ مريمْ

في ارتعاشِ الثغرِ سرٌ ليسَ يُفهَمْ

لم يَخَفْ من صلبِهِ الآتي المُحتَّمْ

لكنَّهُ واللهُ أعلمْ

صاحَ إنّي لستُ أندَمْ

إن صُلِبتُ الدهرَ حُرّاً كلَّ فجرٍ

كي تجيءَ الشمسُ أرحمْ

أيّها الآتونَ مَن صلَّبَ صِدقاً

أيّها الآتونَ مَن كالطهرِ أسلمْ

بيضةُ التمساحِ دسّوها بثوبِ الأمنِ

والتطبيعِ في عشِّ السلامْ

سوفَ تنمو في الأضاحي شدْقَ

أنيابٍ ستفري كلَّ أرياشِ الحمامْ

طالما كفُّ يهوذا تقرعُ الأجراسَ بِشراً

والإمامُ المَنْدَمَةْ

سيُصلّي الجيلُ طوعاً في

طقوسِ العولَمةْ

لا تبيعوا الفجرَ حتى إنْ تراءى

من غيومِ الغدرِ أظلمْ

إنّني الصدقَ أقول:

أيّها الآتونَ في العيشِ المُعلّبْ

أيّها الآتونَ في الموتِ المُرقَّمْ

ليسَ مِن ماسٍ يُضاهي

كفَّ طفلٍ يجمعُ الأحجارَ في جيبِ المُخيّمْ

قلبُهُ للطهرِ مَنجمْ

هكذا واللهُ أعلمْ

هكذا عيسى تكلَّمْ.