هل ينقذ البرلمان الأمريكي الأمن الدولي أم يزيد من تعرضه للخطر؟

هل ينقذ البرلمان الأمريكي الأمن الدولي أم يزيد من تعرضه للخطر؟

• في انتظار موافقة مجلس الشيوخ البرلمان الأمريكي يقر تقديم 95 مليار دولار لأوكرانيا وتايوان وإسرائيل
• أمريكا لن تتراجع وما زالت مصرة على قتال روسيا حتى آخر جندي أوكراني
بعد تلكؤ ومماحكات دامت عدة أشهر، وافق مجلس النواب الأمريكي “السبت 20-04-2024” على خطة مساعدات مالية كبيرة تشمل كلا من أوكرانيا وتايوان وإسرائيل، الأمر الذي أثار زوبعة من ردود الفعل على هذا القرار الذي طال انتظاره على الرغم من أنه كان متوقعا.

التوجه والهدف
تبلغ قيمة المساعدات التي وافق عليها البرلمان الأمريكي 95 مليار دولار، وهي موزعة على الشكل التالي: قرابة 61 مليار دولار لكييف، وقد اعتمد القرار بواقع 366 صوتا مؤيدا و 58 صوتا معارضا، ويشمل توضيحا في متن نصه حيث يشير إلى أنه موجه لدعم أوكرانيا في التصدي للغزو الروسي، و26 مليار دولار لإسرائيل لمساعدتها في حربها ضد حماس في غزة، وتعزيز الدفاعات الجوية الإسرائيلية “القبة الحديدية”، ويخصص 8 مليارات لمساعدة تايوان ومواجهة الصين في المجال العسكري. ويلاحظ هنا أن الرئيس الأمريكي ضم مساعدات إسرائيل مع المساعدات لأوكرانيا لتمرير موافقة البرلمان حيث التأييد الكبير لإسرائيل على الدوام.
وعبَّر زعيم الديمقراطيين في البرلمان الأمريكي تشاك شومر عن قناعته بضرورة التحرك سريعا لتنفيذ هذه الخطوة، بمعنى الإسراع بعرضها على مجلس الشيوخ لكي يوقعها الرئيس بايدن وتغدو بمثابة قانون يتوجب تنفيذه، ويرى المراقبون أن جنوح جونسون أخيرا إلى طرح مشروع القرار على التصويت ودعمه قد يكلفه منصبه بعد تهديد مجموعة من المحافظين المناهضين لتقديم المساعدة لكييف بالعمل للإطاحة به، الأمر الذي حدث عمليا مع سلفه كيفن ماكارثي الذي اتهم بإبرام صفقة سرية مع الديمقراطيين لتمرير المساعدات لأوكرانيا.

ردود الفعل
كان بديهيا أن تكون أوكرانيا في طليعة المعبرين عن التأييد والترحيب والسعادة بهذه المساعدات التي طال انتظارها بالنسبة لكييف ووصلت قبيل إقرارها إلى حد الاعتراف بأنها على وشك خسارة الحرب مع روسيا لتأخر المساعدات الأمريكية، والتي دفعت بالرئيس زيلينسكي إلى القيام بزيارات مكوكية إلى واشنطن ومطالبة الأوربيين بالضغط على واشنطن للإسراع بتقديم هذه المساعدة، وقد رحب الرئيس الأوكراني بشدة بهذا القرار واعتبر أنه سينقذ آلاف الأرواح وهو نقيض لموقف موسكو التي تعتبر أنه سيساهم بقتل عشرات الآلاف في “مفرمة اللحم”.

وقد رحب الرئيس بايدن بهذا القرار معتبرا أنه يبعث برسالة واضحة تشير إلى قوة القيادة الأمريكية في العالم وحث مجلس الشيوخ على الإسراع بالمصادقة عليها. ووصفت بيربوك وزيرة الخارجية الألمانية القرار بأنه يشيع التفاؤل بشأن أمن أوكرانيا وأوربا، واعتبر رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال أن هذا القرار يوجه رسالة ساطعة إلى الكرملين، وقد أشاد ينس ستولتنبرغ بقرار البرلمان الأمريكي منوها بأن أوكرانيا تستخدم الأسلحة التي يقدمها الناتو من أجل تدمير قدرات روسيا القتالية ما يجعل أوروبا وأمريكا أكثر أمانا.
من جهة ثانية حذر فيكتور أوربان رئيس وزراء هنغاريا من أن هذه الخطوة قد تجر أوروبا إلى القاع، ما يشير إلى عدم وجود إجماع أوروبي بشأن أوكرانيا وإن كانت هناك غالبية. ولا بد من الإشارة إلى أن أصواتا غير قليلة ارتفعت في الولايات المتحدة مستنكرة قرار دعم أوكرانيا، فقد علق الملياردير الأمريكي إيلون ماسك بنبرة سلبية على قرار مجلس النواب معبرا عن قلقه لعدم وجود استراتيجية للخروج من هذا الصراع الذي يقضي على أرواح الشباب، واعتبرت السيناتورة الأمريكية مارغوري تايلور غرين إقرار تخصيص 61 مليار دولار لأوكرانيا خيانة للمصالح الأمريكية، وأن جونسون خان أمريكا بعدم قيامه بأي عمل لتأمين الحدود الجنوبية للبلاد بدل المساعدة بتمويل حرب بالوكالة ضد روسيا.
واستنكرت موسكو هذا القرار واعتبرت على لسان زاخاوروف الناطقة باسم الخارجية الروسية أن تقديم هذه المبالغ لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان من شأنه أن يفاقم الأزمة العالمية كون هذه المساعدات مخصصة للدعم العسكري. ووصف مدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي القرار بأنه تصويت لسقوط مزيد من ضحايا الحرب، واعتبر بوليانسكي النائب الأول لمندوب روسيا الدائم في الأمم المتحدة بأن هذه المساعدات ستسمح لأوكرانيا بالعمل لفترة أطول قليلا ولكن كل هذه الجهود والمساعدات ستذهب هباء وستزداد الضحايا.

حول مصادرة الأصول الروسية

كان من بين القرارات التي وافق عليها البرلمان الأمريكي قرار يقضي بمصادرة الأصول الروسية التي جمدتها أوروبا والولايات المتحدة بحجة الحرب في أوكرانيا، وظل هذا الأمر يراوح طويلا خشية انعكاساته السلبية على مجمل التعامل المالي في العالم، وعلى مصداقية الدول التي ستُقرّ هذه العملية، ويشار بهذا الصدد إلى أن المبالغ المجمدة تقارب 300 مليار دولار لكن معظمها في أوروبا وفي بلجيكا بالدرجة الرئيسية، والانسياق وراء الخطوة الأمريكية ستدفع لفقدان ثقة المستثمرين بهذه المؤسسات الأوربية عموما.
وقد أوضح الناطق باسم الكرملين أن على الولايات المتحدة أن تتحمل عواقب تصرف كهذا، وأن هذا القرار سيدفع المستثمرين في الاقتصاد الأمريكي لإنقاذ أموالهم حيث لا حصانة للملكية الخاصة، ولا حتى لأملاك الدولة.
وكانت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين قد طالبت بسن تشريع على المستوى الدولي بهذا الخصوص، معترفة في غضون ذلك بأنه سيخلق مخاطر حقيقية على الاستقرار المالي. كما حذر البنك المركزي الأوروبي من تأثير مصادرة الأصول الروسية على مصير اليورو.
وقد اعتبرت موسكو مجرد تجميد أوروبا للأصول الروسية سرقة فاضحة، وقد دعا قادة الاتحاد الأوروبي في قمة بروكسل بشأن أوكرانيا لا إلى مصادرة الأصول الروسية، بل إلى مجرد استخدام أرباحها وحسب لصالح أوكرانيا، ما يعني أن واشنطن ستسعى لجر أوروبا إلى مغامرة مالية كبرى عمليا بعيدا عنها، فمعظم الأصول الروسية في أوروبا، وليس في الولايات المتحدة سوى قرابة 6 مليارات دولار كأصول روسية.

https://matryoshkanews.com/?p=2742