الأصابع الماسية التي تعيد البصر.. جراح العيون الأمهر الدكتور يوسف نعيم يوسف.. نابغة من بلاد العرب

الأصابع الماسية التي تعيد البصر.. جراح العيون الأمهر الدكتور يوسف نعيم يوسف.. نابغة من بلاد العرب

  • ساحر روسي – عربي ماهر، مبدع باهر، العلم عصاه السحرية، وطلاسمه علاجات عصرية، بأنامله يناغي النظرا، فيعيد إلى الأكِفَّاء البصرا
  • طور الكثير من الأساليب التقنيات الجراحية بما في ذلك عبر استخدام تقنيات (الفيمتو ثانية) لومضات بجزء من مليون مليار جزء من الثانية!
  • بفضل عزيمته غير العادية غدا مديرا لمعهد طب العيون والمشفى الرئيسي المركزي لإحياء البصر في روسيا
  • من مشاريعه المستقبلية إنشاء فروع للمركز في بعض البلدان العربية والمباحثات جارية في سوريا والإمارات العربية المتحدة لتحقيق ذلك

 

أشعر بالنشوة وأنا أكتب عن طبيب جراح من بلادي هو الآن مواطن روسي من أصول عربية سورية، أثبت كفاءة غير عادية في مجال طب العيون، وساعد عشرات الآلاف من الناس على تصحيح النظر أو إعادة البصر خلال مسيرته العلمية العملية حتى غدا واحدا من أشهر جراحي العيون في العالم، والرائع في الإنسان الذي أتحدث عنه أنه رغم اتساع شهرته، وتزايد حديث الناس من مختلف الشعوب عنه يوغل في تواضعه المميز، ويرحب بالجميع ببشاشة وود قل نظيره. فمن هو هذا الإنسان الرائع؟

  • إنه الدكتور يوسف نعيم يوسف، وهو نابغة من أبرز الأخصائيين الروس في طب جراحة العيون في العالم، من أصل سوري مواليد درعا، جاء إلى موسكو للدراسة عام 1982 أنهى دراسته في الأكاديمية الطبية الحكومية عام وعاد من سورية بعد سنة ممارسة عملية ليتابع تعليمه في موسكو ويعمق خبراته بشكل خاص في مجال جراحة الكاتاراكتا حتى غدا عضوا في جمعيات العيون الروسية والأمريكية والأوربية، وتدرب على عمليات استحلاب العدسة في الولايات المتحدة.
  • نفذ قرابة 40000 عملية جراحية معظمها في إزالة الماء الأبيض بمنهج وتقنيات حديثة، وقد دافع عن أطروحة الدكتوراة عام 1998 حول تحسين تقنية رأب القرنية، والفرص الجديدة لاستحلاب العدسة في حالات الأمراض العينية المركبة.
  •  غدا مديرا للمعهد الروسي العلمي لأبحاث أمراض العيون وجراحتها ومديرا لأكبر مشفى متخصص لطب العيون وجراحتها على المستوى الفدرالي، وله أكثر من 200 بحث ومنشور علمي وهو ومشارك نشيط في المؤتمرات والندوات العلمية
  • حاصل على 15 براءة اختراع مختلفة في مجالات اختصاصه ويوكل إليه تدريب الذين سيغدون أخصائيين في جراحة طب العيون، بما في ذلك الجراحة الانكسارية “بالليزر” ولايزر “فيمتو ثانية”
  • تتجاوز نشاطاته الجراحية أراضي روسيا، وقد قام ويقوم بعمليات جراحية في البلدان العربية، وقدم ويقدم مساعدات طبية وجراحية مجانية للذين عانوا من النزاعات الساخنة في أفغانستان والشيشان وسوريا.
  • تقديرا لجهوده ودوره المميز قلده الرئيس الروسي فلاديمير بوتن في قصر الكرملين أحد أرفع الأوسمة الروسية وهو وسام الصداقة….

أكتفي بهذا القدر الذي اختصرته كثيرا من المعطيات الثرة عن نجاحات ونشاط هذا النابغة المتفرد الذي يطلق عليه الناس نتيجة نجاحاته وعملياته المميزة صفات باتت لصيقة به تماما منها:

“صاحب الأنامل الذهبية”، “معيد البصر”، “رجل المستحيل”، “ساحر الجراحة العينية”، وأضيف إليها شخصيا صاحب ابتسامة النصر، فهو يبتسم دائما في وجه المرضى قبل العملية مشجعا، وبعد العملية مهنئا، رغم أن التهنئة يجب أن تكون له فهو الذي انتصر بعلمه ومهارته…

القمةُ الشماء عرشٌ ضيِّقُ

أليس رائعا أن تتحدث بموضوعية شديدة عن إنسان صادف أن له مزايا إيجابية عديدة، فيظن الناس أنك تمدحه وتطريه؟

أنا أعترف بأمرين الأول أنه من الصعب إرضائي، فقد مر في حياتي أناس وشخصيات عديدة عادية ونوعية وكبيرة جدا، ومتنوعة جدا وعلى كل المستويات، ومع ذلك -وهذا هو الاعتراف الثاني- فأنا حقا بت معجبا أيما إعجاب بالدكتور يوسف وبإنجازاته ومشفاه، أي أن الأمر تجاوز كثيرا مستوى الإرضاء، ودخل في حيز الإعجاب، ولكن لماذا؟

تبدأ القصة بأن أوضحت لصديقي رامي الشاعر السفير الفلسطيني الأسبق في موسكو أنني بحاجة إلى عملية كاتراكتا يبدو أنني تأخرت في إجرائها، فلم يكتف بنصحي باللجوء إلى صديقه الدكتور يوسف نعيم اليوسف، وهو أشهر جراح للعيون في موسكو بل ساهم بمد الجسور بيننا وكان أول اتصال لي بالدكتور يوسف وهو في أوروبا، لكنه أبدى اهتماما جديا وحدد مواعدا لي بعد يوم واحد من عودته إلى موسكو، وبعد معاينته نصح بإجراء العملية فورا لكني أوضحت له أن لدي لقاء في دمشق مع جمهور ذواق لا أستطيع تأجيله فهو مرهون بصدور كتاب لي وكتاب عني وسيكون محرجا جدا أن أفعل ذلك… أول انطباع إيجابي نوعي تركه عندي حين قال: هذا يعني أنه جمهور مثقف وعزيز جدا عليك، قلت نعم إنه جمهور ذواق  نوعي… فقال أقدر ذلك وأحييك على هذا الوفاء، حسنا اتصل بي فورا عندما تعود رغم أنك ستزيد من تعقيد مهمتنا الصعبة أساسا نتيجة وضعك!!!

إذن الدكتور يوسف ليس جراحا متخصصا موهوبا وحسب، بل هو إنسان ذواق ومثقف أيضا، كونه قدر وثمن عاليا مثل هذه اللحظات التي لا يفهمها سوى المبدعين.

رغم وجود آلاف الجراحين الجيدين، يشار بالبنان عادة إلى المميزين جدا فمساحات الجبال والمرتفعات تشكل ربع مساحة اليابسة لكن القمم الشامخة جدا لا تزيد عن أربع عشرة قمة،  وجميعها في سلسلة هيمالايا والقمم عادة أمكنة ضيقة لأنها ترمز إلى مكان الصفوة العصية على الأناس العاديين، والملفت للنظر أن معظم الذين يحتلون قمم  التميز في حياتنا الاجتماعية لديهم مزايا إيجابية عديدة كصاحبنا الدكتور يوسف الذي سار بثبات وعزيمة في تطوير مهاراته خطوات تتبعها خطوات ليغدو رئيس قسم جراحة العيون في أكاديمية العلوم الطبية، ومن ثم كبير أطباء المركز العلمي التطبيقي لاستعادة البصر، واستاذا في جامعة سيتشينوفا الطبية، وأستاذا فخريا في أكاديمية التعليم الطبي المهني، ثم مديرا لمعهد كراسنوف لأبحاث أمراض العيون، ناهيك عن كونه خبيرا معتمدا من عدد من الشركات العالمية في مجال صنع المعدات الطبية، وأخيرا مديرا لمشفى طب وجراحة العيون المركزي الفدرالي لكل روسيا، ناهيك عن طبيعته الودية المحببة,

 

مشفى رائع يرفع العلم له القبعة:

في وسط موسكو ينهض مبنى ضخم مؤلف من ثلاثة عشر طابقا في كل طابق قرابة خمسين غرفة وقاعة فيها جميع الاختصاصات في مجال طب العيون وجراحتها، وكذلك غرف وقاعات عديدة للمخابر والمعاينات بالغة الدقة، وأخرى للتصوير وفحص العيون بكل مكوناتها، وفيها آلات ومعدات حديثة وحديثة جدا يعتمد بعضها على استخدام اشعة الليزر، وأخرى الموجات الصوتية، ومخابر حديثة، أي يعمل في هذا المشفى عمليا  مئات العاملين في مجالات طبابة العيون وجراحتها، ويتوج بكوكبة من الأطباء والاختصاصيين والجراحين المهرة، هذا المشفى الضخم  هو مركز استعادة البصر الرئيسي في موسكو، وهناك مبنى ثان فرعي تخصصي لهذا المشفى في منطقة أخرى موسكو أيضا.

ويقوم المركز بعدد كبير من العمليات المتنوعة بما في ذلك – إزالة الساد، وزرع عدسات باطن العين، واستحلاب العدسة بالموجات فوق الصوتية، وتصحيح الرؤية بالليزر سواء لقصر النظر أو طول النظر، واللبؤرية باستخدام اللليزر، وكذلك بجراحة الشبكية والجسم الزجاجي لأمراض مختلفة كالاعتلال بسبب السكري، والتمزق البقعي، والتليف الظهاري، والصدمات  وحتى الأمراض ذان المنشأ الخلقي كالحول مثلا وغيرها. ويشرف الدكتور يوسف بشكل مباشر أحيانا، أو يقوم بنفسه بهذه العمليات النوعية حتى صار في رصيده قرابة أربعين ألف عملية جراحية نوعية خلال مسيرته العلمية العملية هذه. كما أنه دافع عام 2021 عن أطروحته للدكتوراة حول “النتائج الوظيفية المورفولوجية لزرع العدسة داخل المحفظة- العينية” وخلال هذه المسيرة مع تطور كادر المشفى علميا وعمليا تم إجراء أكثر من 700 ألف عملية عينية جراحية ناجحة بما في ذلك آلاف العمليات المعقدة الصعبة.

 

كوادر اللطف والابتسامة الشافية.

بما أن المشفى الذي يقوده الدكتور يوسف مشفى يعالج جميع مرضى العيون، وبمختلف الأمراض العينية وإشكالاتها بما في ذلك نتيجة حوادث مختلفة، لهذا هناك اكتظاظ حقيقي للقاصدين في هذا المشفى ما يجعلك تتخيل عند ولوجه أنك ستواجه مصاعب ومشاكل إجرائية وإدارية كثيرة، ولكن كل ذلك يتلاشى مع أول ابتسامة…

يبدو أن الدكتور يوسف بحسه المرهف وفهمه البسيكولوجي الراقي اختار كوادره بأناة معتمدا على ذائقة جمالية راقية، فالإداريين والممرضات والطبيبات والأطباء الذين يتابعون شؤون المرضى يحظون حقا بنسبة جمال عالية جدا شكلا ومضمونا، حتى يخطر ببالك فورا أنهم وأنهن من جنس الملائكة، ولم يكن صدفة أن يطلق على العاملين في المجال الطبي صفة  ملائكة الرحمة، فالكوادر الرئيسية التي تعنى باستقبال المرضى، وتوجيههم هم من موظفات الاستقبال والممرضات الجميلات، يتلقفن المرضى منذ الخطوات الأولى بابتسامات ودية وعبارات ترحاب لطيفة، واهتمام كبير ما يخفف منذ البداية نفسيا عن المرضى، ويقدنهم بكل الخطوات الإجرائية والعلاجية، ويسلمنهم للمختصين الذين يتابعون الفحوصات والمعاينات بأحدث الأجهزة المتطورة جدا، ويحرص هؤلاء الأطباء والمختصين على تقديم جميع التوجيهات اللازمة قبل وبعد لعملية الجراحية بنفس الود واللطافة الملفتة للنظر حتى تخال المشفى قصيدة وئام اجتماعي. ولا غرو في ذلك فالمعلم الكبير الدكتور يوسف بشوش الوجه لطيف المعشر حلو اللسان صادق الهمة، وقد تبين لي منذ لقائي الأول معه أنه إنسان مميز فعلا ينضح بالإيجابية والتفاعل والحس الإنساني المرهف، فقد علمت من خلال الآخرين أنه عالج حتى مجانا أو بحسوم كبيرة الكثير من المصابين في ظروف استثنائية وخاصة نتيجة الأحداث الساخنة في أفغانستان والشيشان والعراق وسوريا، ولكن للمشفى أيضا مصاريفها الهائلة، ونفقاتها الكبيرة جدا، ولابد من موارد لتغطية هذه النفقات، فكوادرها تزيد عن ستمئة موظف من كبار الأخصائيين الجراحين والأطباء المعالجين في مختلف الاختصاصات، ومئات الممرضات والمساعدين والإداريين، والمستخدمين، فبناء المشفى مؤلف من ثلاثة عشر طابقا في كل طابق قرابة خمسين غرفة وقاعة جميعها مجهز بأحدث الآلات والأجهزة الإلكترونية  المتطورة.

 

على قدر أهل العزم تأتي العزائم

لفت نظري حالة الطموح غير العادية التي يتميز بها الدكتور يوسف، وخاصة أنه طور إمكانياته العلمية والعملية بثبات وإصرار فمضى في السلم صعودا حتى وصل إلى شأو عال حقيقي، لفت نظري أنه  لم يتوقف عن السير قدما،  ولهذا كان من بين أبحاثه النوعية ابتكارات علمية دخلت في مجالات التجارب ثم أدرجت في الممارسات العملية، والاستخدام الفعلي حيث طور التقنيات الأساسية لإزالة الساد وزرع العدسة داخل العين بأساليب جديدة في العلاج الجراحي، سواء بالخلع  الجزئي أو الكلي للعدسة، وكذلك تصحيح القدرة على الرؤية داخل العين بما في ذلك في الحالات المعقدة، إلى جانب جراحة الساد في أمراض العيون المركبة، وأدخل كل ذلك في الممارسة السريرية، ناهيك عن تطوير وإدخال طرق جديدة في الممارسة العملية لزرع القرنية عبر استخدام “الفيمتو ثانية في جراحة الساد ( أي في جزء من مليون مليار جزء من الثانية!!!)

ورغم تحقيق أهدافه الكبرى في تكريس نوعية علمية متفوقة للمعهد والمشفى اللذين يقودهما، لا يزال الدكتور يوسف يوسع من نشاطاته  وطموحاته، وقد فهمت من حواري الشيق معه أن  في مخططاته الانطلاق نحو الخارج لتأسيس أكثر من مركز لطب وجراحة العيون، وخاصة في البلدان العربية، وفهمت على وجه العموم ان مثل هذه المراكز الطبية لإحياء البصر قد تتم مبدئيا في سوريا والإمارات وأن الحوارات قد بدأت واقعيا، ويتوقع أن تخطو بعض الخطوات النوعية مع المسؤولين في الإمارات، ولكن الأمر يحتاج إلى بعض الوقت للتوصل إلى السبل الأنجع في تأسيس مثل هذه المراكز، وحسب ما سمعته أن المباحثات بهذا الشأن لا تزال جارية على قدم وساق، وهو يتوقع ان يتم تأسيس مركز نوعي حديث جدا في الإمارات المتحدة أولا، وحين استفسرت عن الهدف تبين أنه إنساني بالدرجة الأولى، فهو يسعى  لتخفيف العبء عن المرضى، فكثير من المرضى العرب يتحملون مشقات ونفقات السفر والإقامة لإجراء مثل هذه العمليات النوعية، وفي حال إقامة مراكز علمية متطورة في الإمارات وسوريا من حيث المبدأ بإشراف ومتابعة الدكتور يوسف، وعبر انتداب جراحين ومختصين تدربوا على يديه، سيكون في ذلك خدمة كبيرة لهؤلاء المرضى وتوفير لقسم كبير من هذه النفقات.

شخصية من أهم مبادئها الحياتية أن تساعد الآخرين في استعادة وإحياء وتصحيح أهم ما يملكه الإنسان – البصر إضافة إلى دورها الاجتماعي النوعي في تطوير العلاقات الروسية العربية لكونه مواطنا سوريا عربيا – روسيا، هي شخصية جديرة فعلا بالتكريم حيث قلد الرئيس بوتن في قصر الكرملين قبل أسابيع قليلة الدكتور يوسف نعيم يوسف وسام الصداقة بين الشعوب.

 

تقدير وعرفان

كانت العملية التي أجريت لي بالفعل صعبة للغاية حيث تحجرت الكاتاراكتا واضطر الدكتور ليث -الحراكي الجراح ذو الأصابع الذهبية الذي تدرب على أيدي الدكتور يوسف- إلى تفتيت الساد المتحجر بالأمواج الصوتية، ورغم صعوبة العملية إلا أنها تكللت بالنجاح! وحاولت ترجمة فورتي الوجدانية بهذه الأبيات التي أختم بها حديثي عن هذا النابغة وهذا الصرح الطبي الرائع تاركا للآفاق أن تسجل بصماتها في المشاريع الإنسانية الطبية الرائعة!

في الروحِ يوسفُ طبعه الإصغاءُ للمستجيرِ كأنَّه الأصداءُ

يُلغي من الأحداقِ عتما حاقدا كم فاضَ من مجدِ البنانِ ضياءُ

عطفت أنامِلُه كمعجزةٍ دنتْ فوقَ العيونِ فناءَ عنها الداءُ

حتى المباضِعُ مثل أقلامٍ لهُ وحروفُها فوق البياضِ شفاء

تهفو له الآلاتُ طوعَ بنانهِ وتؤولُ صاغرةً لهُ الأشياءُ

يا يوسفُ ابنُ العلمِ أسمى رايةٍ أن تزدهي ببنيّها الآباءُ

لا حدَّ للإيغالِ إن تبغِ العُلى خلفَ السماءِ إذا اخترقْتَ سماءُ

يا أيها القدوس عِلماً سامِقاً إن المهارةَ للعومِ وفاءُ

يغدو الضريرُ بفضلِ كفِّكَ رائياً وتجنُّ أعطافٌ بهِ ودماءُ

حتى البكاءُ من المآقي مبهجٌ فرحاً بنصركَ كم يطيبُ بكاءُ

ماءُ العيونِ يشيلُ كفَّكَ راعشاً لطفاً كما حملَ اليسوعَ الماءُ

 

رأي اليوم