غازان كهربة فماء

غازان كهربة فماء

غازان كهربة فماء

 

رغمَ الرفيفِ ورغمَ آلافِ العصافيرِ التي اصطفَّتْ

على الأسلاكِ مِثلَ الحَبِّ مُلتفاً بنصلِ السنبلاتْ

تُصغي كنبضِ الصمتِ يا حبي

ولا تندى إليكَ الزقزقاتْ

ما زلتَ تنتظرُ الرفيفَ العابِقَ المحرورَ

عبرَ الهاتفِ الفضيِّ لكنَّ الحروفَ الذبذباتْ

تنسلُّ وسْطَ المعدنِ المسحوبِ كهربةً

تحارُ ودونَ أن تدري اختلافَ النوعِ

تنتظرُ الحروفَ النبضَ تأتيكَ الحروفُ الذبذباتْ

وتظلُّ تسألُ كالتماعِ الدهشةِ الأولى بعينِ الطفلِ

يسألُ عن أبيهِ وليسَ يفهمُ ما الذي تعنيهِ ماتْ

أينَ الرفيفُ النبضُ أينَ الزقزقاتْ

 

خطّانِ يا حُبي ولا يوماً هُما يتلاقيانْ

حتى ولا يتقاطعانْ

خطٌّ تَوهَّجَ جامحاً نحوَ البدايةْ

ليعيدَ تنقيطَ الحكايةْ

والآخرُ الفضيُّ نحوَ اللانهاية

ليضيفَ فصلاً بعدَ فصلٍ في الروايةْ

فلهُ المطابعُ والخراجُ

لَهُ الحروفُ الذبذباتْ

فوقَ الغلافِ يشنُّ حربَهْ

مُتدافِعاً حتى تظنَّ بأنَّهُ سيبيعُ ربَّهْ

لكنَّ كلَّ عبارةٍ يُدلي بها مرصودةٌ

بالعملةِ الصعبَةْ

 

خطّانِ يا حُبي وقد صارَ الرفيفُ العابقُ

المحرورُ إعصاراً ورعداً

قد توَحَّدتِ الحروفُ الزقزقاتْ

خطّانِ يا حُبي وقد عجَّتْ خطوطُ الهاتفِ الفضيِّ

بالنفطِ المُصدَّرِ والحروفِ الذبذباتْ

وهنا تفاصيلُ الصِراعْ

إنّا يُميِزُنا اختلافُ الكُنْهِ فليسقُطْ حنينُ الأغنياتْ

ها أنتَ مُتَحِدٌ بِنوعِكِ حاولوكَ ليشطروكَ

بنصلِ أغنيةِ التمازجِ آنَ أنْ ندريْ

بأنَّ عوازلَ العشقِ الأصيلِ

صلاتُ رحمِ العرقِ والقُربى

تأبى حبيبةُ خاطِري تأبى

وأنا ارتحالٌ عبرَ حُبِّكِ نحوَ حبِّكِ قد عصوتُ

تشكُّلَ الأشياءِ والأسماءِ ما عادَ

الوريدُ ممرَ دمّي مُذْ أطعتُكْ

بدَّلتُ بالزمنِ الخضيبِ خضيبَ أزمانٍ

تخثَّر مُذْ تحدَّرَ ما تخَدَّرَ بل تصلَّبَ فاستعدتُكْ

أنا عبوةٌ موقوتةٌ للفجرِ والنبضُ الثواني

أيَّها الوقتُ اخترقني فالنزيفُ الحلوُ وقتُك

لم أشفَ مِنكِ وما استطعتُكْ

كم راعَني أنْ ما وجدتُكِ فوقَ زندي

في المساءِ وما أضعتُكْ

مُتماهيان فلا أقولُ أجوعُ فيكِ

فكيفَ تُفهمُ أحرفُ التعبيرِ جعتُكْ؟

مُخضوضِرٌ بنديِّ ثغرِكِ

غيرَ أنّي قد عطِشتُكْ

ها نحنُ متحدانِ بالنوعِ المورِّقِ

ما نبضتُ إليكِ عِشقاً بل نبضتُكْ

ها نحنُ مُتحدانِ

فلتنأى شعاراتُ الحنينِ الأخضرِ النائي قريبا

إذ كلَّما أشرعتُ للضمِّ ذراعيَ حبيبا

هربت ظلالُ الأخضرِ المزعومِ

من ظِلّي وخلاني صليبا

في كلَّ عامٍ يطعنونَ الصدرَ بالأشلاءِ يا حُبي

وما عرفوا بأنّي وسْطَ قلبي قد جمعْتُكْ

ها نحنُ متحدان

هُم حاصروكِ ليفقأوا أفُقي

وحاصَروني فيكِ كي أُلغيكِ لكنَّ

اكتناهَ النوعِ ما زجَنا بحوضِ الجرحِ

عندَ الطعنةِ الرؤيا تعلَّمنا قراءةَ نزفِنا

حتى غدونا شاعرينِ ودفقُنا قد صارَ سوناتا

عزفناها على أوتارِ نارِ القصفِ

موسيقى إذن يا حُبُّ قد صِرنا وما دُرنا

رفضنا لولبَ التسجيلِ فلتبكِ الأماني

أو فلتُمجِّدْ فارسَ الوهمِ العصيِّ على العنانِ

ها نحنُ متحدانِ طفلٌ قادمٌ ينمو

بعيداً عن أهازيجِ الأغاني

(هه يا شعب العروبة الله يديمك)

دمي حليبك في الخصوبة

(هه يا شعب العروبة الله يديمك)

بيروتُ حُلمَتُه الرطيبةْ

(هه يا شعب العروبة الله يديمك)

هذا رضيعُك يا عروبةْ

لم تنتزِعْهُ يداكِ عن ثديِ التلاحُمِ

رغمَ آلامِ التوجُّعِ إنَّما شدتُهُ

أقماطُ الوصاياتِ المريبةْ

وغداً ستمتلئُ السماءْ

لا بالنجومِ البيضِ لكنْ بالدماءْ

فالطفلُ ينمو وابتعادُ النهدِ عن ثغرِ النداءْ

نزَّ احتلابَ مجرةٍ حمراءَ

والوجعُ انتماءْ

ما كانَ كانَ ولم أشأْ

أو لم أكنْ أدري بأنَّ الماءَ

كهربةٌ وغازانِ التماعُ الومضةِ انفجرتْ على بيروتَ

صِرنا الماءَ يا أرضَ العروبةِ فاشربينا

ما كانَ كانَ ومن يُسائل بعد أن صِرنا دفوقَ السيلِ

أين تحلَّقَ الآزوتُ ذراتٍ وأينَ الدفقُ حلَّقَ أكسجينا

كم قلتُ أهْ

واليومَ صوتي يزفُرُ الريحَ ويدري

أينَ يمضي كيفَ يمضي مَن صداهْ

ها نحنُ بعد الومضةِ الكُبرى مياهْ

والآهُ ميعادُ الهبوبِ ولن نُعلَّقْ

في بطونِ الغيمِ فالوقتُ انهمارْ

الأرضُ تُخصِبُها الرطوبةُ لا الشعارْ

ماذا؟ أتغرقُ تربةُ العشقِ انطفاءً

إن هميتُ ولم تَطِقْ

فليُغْرِقِ الوحلُ الحقولَ ستُقتلُ الديدانُ

لكنَّ الرشيماتِ ارتواءً تأتَلِقْ

حسبُّ الأرزِّ عطاؤهُ أن يختَنِقْ

ها نحنُ متحدانِ مختنقانِ في طميِ التحامِ

العشقِ نأتي نفطرُ الأرضَ الجديبةْ

والطفلُ ينمو والحصارْ

أوكلُّ هذا الليلِ محتشدٌ لِخنْقِ اللهبةِ

الطفليةِ الشهاءِ في قنديلِ حُبِّكِ مُذ تتوَّجْ؟

يحكي الزمانُ وما ترنَّق بل توهَّجْ

خطّانِ يا حُبي وينمو الطفلُ بعد الومضةِ الكُبرى

يُشرِّشُ في عروقِ الأرضِ يدركُ نكهةَ

الزندِ التي غاصت أصابِعُها لجذرِ العشقِ

لم تخشَ التصاقَ الوحلِ

يتحدانِ ضدَّ القحطِ والياقاتِ

ضدَّ سمادِ أحرفِ بائعيهِ فيخصبُ

نبضُهُ في الزندِ زهرا

خطّان يا حُبي وينمو الطفلُ بعد الومضةِ

الكُبرى ليدخُل في المصانِعِ هادِراً يلقاهُ

شحمُ سواعدِ الأحبابِ يتحدانِ فجرا

فلتفهَمِ السكينُ والحرمُ المِسَنُّ بأنَّ من غاصوا

بحوضِ الدمِّ ينتفضونَ في عُشبِ ابتساماتِ

الربيعِ البكرِ ثغرا

أطفالُنا في أيِّ بيتٍ طافِحٍ بالشمسِ

هم أطفالُ شاتيلا وصبرا

ها نحنُ متحدانِ ما مِنْ عاشقٍ للشمسِ

إلا قد تمنّى أن يكونَ غلافَ قنبلةٍ تُفجَُّر

أو يكونَ هناكَ مُعتقلاً مع الأحرارِ حُرا

ها نحنُ متحدانِ بالطُّهرِ المعمَّدِ في جراحِكَ

ليس يُؤسَرُ من تمرَّدَ شمسُنا بحناجرِ الأنصارِ

والأفقُ الطليقُ بنظرةِ الإصرارِ رغمَ مخالبِ

الأسوارِ والأسلاكِ يا أزهارَ جبهتِنا

المضيئةِ أنتمُ الطلقاءُ وحدكمو

ووحدهمو عروشُ الصمتِ أسرى

لا تورِقوا لن تورِقوا عنّي بأورادِ الحرائقِ

إنَّما يكفي بأنْ تدعوا رمادي لانتعاشِ

الأرضِ لا كُحلاً لرمشِ العاهراتْ

كلٌّ يحاولُ أن يُعدَّ فصولَ مأساتي بإخراجٍ جديدٍ

بالحروفِ الذبذباتْ

والموتُ خاتمةُ المطافِ يطالبونَ اليومَ بالإنجابِ

كي لا ينتهي العرضُ الجميلُ مشاهدَ في الفَلاة

يتنازعُ المتنافسونَ الخضرُ حولَ قماشِ أكفاني

يتخاصمُ المتعهدونَ بحرقةٍ للمشهدِ الثاني

عربانِ نحنُ مصانعُ الأكفانِ هاجتْ ضاعفتْ

انتاجُها لا بدَّ من موتٍ جديدٍ

ووفودٍ وجلودٍ للرهانْ

جاءتْ عصافيرُ الرفيفِ الحلوِ نحنُ الزقزقاتْ

والطفلُ ينمو يدركُ خطَّهُ الوحليَ

يرفضُ هاتفَ الخطِّ المكهربِ

والحروفَ الذبذباتْ

خطّانِ يا حُبي وهلْ ينسى اختلاجَ الضوءِ

من عانى انفجاراتِ الطفولةْ

خطّان يا حُبي فخلي وهجَك الغيميَ

يستدعي هطولَهْ

خطَان يا حُبي ونمضي

واحدٌ نحوَ الخيانةْ

آخرٌ نحوَ البطولةْ