عصية عدن
سحابةٌ مِنَ العَرَقْ
تَخَلَّقَتْ مِنَ السواعدِ الفتيةِ الجباهِ
مِن تزامُنِ ارتعاشةِ القلوبِ
وانطلاقةِ الدروبِ
نحوَ ساحةِ الألَقْ
سحابةٌ مِنَ العَرَقْ
تصونُها الجراحُ إذْ يحوطُها السلاحُ والرياحُ
يَستشيطُ مِن شموخِها المناخُ لن يبعثرَ الهبوبُ
والغبارُ وحدةَ الخصوبةِ التي تمرَّدتْ على الجفافِ
لن تهزَّ عمقَها المُحاولةْ
سحابةٌ مُقاتِلةْ
بريقُها احمرارُ جرحِها وفَجْرِها
كأنها على المدى انشدادُ قبضةِ الغضبْ
تُوحِّدُ الجميعَ في الدروبِ كي تذوِّبَ الصقيعْ
وتُعلنُ المسارَ نحوَ شاطئِ الربيعِ
تمزُجُ النهارَ بالنجيعِ
تُرضِعُ النسورَ من سُلافَةِ الشَفَقْ
سحابةٌ مِنَ العَرَقْ
تحمَّمتْ سواحلُ البلادِ بالرذاذِ من حنينِها
أرى غداً سيولَها
تُوزِّعُ اخضرارَ عشقِها على السهولْ
وتُغرِقُ الحجازَ بالعَبَقْ
تَكَثَّفتْ غمامةُ الرؤى فإذْ بِها حَبيبتي
نسجتُ رمشَها الظليلَ مِن خيوطِ رايتي
ووجهُها رسمتُه بآهتي
بحثتُ عن سُكنى لنا
بها أشمُّ بلدَتي
وها أنا أجوبُ في سيئونَ عاشقاً فأنتهي بِحارتي
حبيبتي ظننتُ انها تعيشُ قربَ بيتِنا
لكنني اكتشفتُ أنها هناكَ في دمشقْ
وأنَّها هُنا…
وأنها تشبُّ من مَسامِ جَبهتي
غمامةً تعانِقُ الجموعَ كلّما
شددتُ للصراعِ قبضَتي
حبيبتي دمشقْ
حبيبتي عدنْ
مادام للرفاقْ
بنبضِها سَكَنْ
ببابِ مَنْ تَدُقْ
سيفتحُ الوطنِ
…
المجدُ للنهودِ تشرئبُ جامِحةْ
طيرانِ في صدرِ الصبيةِ إنما
بعضُ الطيورِ جارِحةْ
تنَزّلَتْ بسورةِ النساءِ أمْ بآيةٍ مُسلَّحةْ
قدسية ٌ أمواجُ بحرِ العاشقينْ
فالشطُّ بسمَلَةُ المُحيطْ
وحضرموتُ الفاتِحةْ
لقد رأيتُها على المضيقِ تستحمُ بابتسامةِ النهارْ
القِرشُ حولَ جيدِها يشقُّ موجَ نارْ
ولم تَزَلْ تُعانِقُ الهديرَ في البِحارْ
تصيخُ سمعَها إلى محارةٍ مُكوَّرَةْ
بها تُغني أسمرَةْ
طروادةٌ مُحرَّرَةْ
حبيبتي تُحاصِرُ الحِصارْ
تشدُّ جوعَها إزارْ
ولا تبيعُ خصرَها
تمرُّ عبرَ ساحةِ الحِوارْ
تشيلُ قلبَها فَنارْ
كأنها بروميثيوسُ الجديدْ
لكنَّها وليعلمِ الجِوارْ
لن تُسْلِمَ الزنودَ للحديدْ
ستقتلُ الصقرَ العنيدْ
لتُكمِلَ الرحيلَ بالشرارِ والغسَقْ
صبيةً مِنَ العَبَقْ
تَخَلَّقَتْ مِنَ الحنينِ والوفاءِ والأرقْ
أرَقُّ من َتثاؤبِ الرضيعِ طبعُها
ومخلبُ الحديِد إنْ يحوطُها .. ورقْ
فقلبُها بكلِّ نبضةٍ يبثُّ سُنبُلَةْ
لكنَّهُ بخفقِهِ يُوَقِّتُ الشعارَ عبْرَ كلِّ مَرحلَةْ
بَلى .. بَلى ..
فؤادُها زجاجةُ العطورِ للسلامْ
وإنْ يُحاولُ الظلامُ أنْ يَمُدَّ أُنمُلَهْ
زجاجةُ العطورِ فجأةً تصيرُ قُنبلةْ
عرّافَةُ الخُرافَةْ
تُخادِعُ الفُصولْ
تذرُّ في الرمادِ والبخورِ مسحوقَ الإشاعَةْ
وتلبسُ القناعَ مرةً جريدةً ومرةً إذاعَةْ
تريدُ أنْ تُخامِرَ العقولْ
عرّافَةُ الخُرافَةْ لمّا تَزلْ تقولْ
بأنَّ مُنيةَ النفوسْ
مرصودةٌ بالجرحِ والغبارِ والمِحنْ
يجيئُها بالسِرِّ جَحفلُ الجرادِ من قبائلِ البلادْ
وسيدُ البحارِ بالعَلنْ
تقولُ لي عرّافةُ الخُرافةْ
بأن تلكمُ الصبيةَ التي تمرَّدتْ على الزمنْ
تقضُّ مضجعَ المِستر خليفْة
لا جفن يستريح لا بدن
وأن شاه شاه عربان البوادي
نفطَويه الدردبيسَ أبا القصورْ
يبتاعُ عيروطاً خؤوناً للجسورْ
ويعدُّ زحفا من ثعابين الصحارى
وغماماً للصقورْ
كي يستعيدَ إلى الحظيرةْ
مهرةَ الشمسِ الصغيرةْ
مسكينةٌ عرّافةُ الخُرافةْ
لم تدرِ ما صنعَ الربيعُ بأرضِ عادْ
وأن تموزَ استراحَ مع الجذورْ
ولن يغادر لحظةً هذي البلادْ
– والقبايلْ قلب يحضن دمّ نبضه الدوم شاعل
تهدر بسيلِ البكيلْ وتحذر بحاشدْ مشاعلْ
بالضوامر .. يطلع الجوف ويلاقيها تشد زامل
نمشي مع جند الشبيبة
صوب وائل .. صوب وائل”
مسكينةٌ عرّافةُ الخرافةْ
لم تدرِ ما صنعَ الزمنْ
وأنَّ منيةَ النفوسِ في الحقولِ أوْرَقَتْ فننْ
فليبدأوا إذن .. فليبدأوا إذن
غدا تُفجِّرُ الهضابُ نهدَها غداً
تلكَ الزرافاتُ التي تمتصُّ ضرعَ الأرضِ
في الصحراءِ قد تغدو ثمنْ
ولا أظنُّ سيدَ البحارِ راضياً
تبديلَ وجبةِ الزيوتِ باللبنْ
فليبدأوا إذنِ
آمنتُ بالحروفِ تبتدي بلا
وتنتهي بِلنْ
سيشهدُ الزمنْ
عصيةٌ عدنْ
قصيةٌ عدنْ
الهرد- نبات يستخدم في اليمن لزينة النساء-
منية النفوس هي حبيبة سيف بن ذي يزن في الأسطورة الشعبية وذو يزن هو الاسم الفني المستعار الذي كان يوقع به القائد الراحل عبد الفتاح اسماعيللدى نشر قصائده وله مجموعة شعرية بهذا التوقيع بعنوان الكتابة بالسيف
عيروط هو الجني الذي يلعب دورا كبيرا في انفيذ المكائد في أسطورة سيف بن ذي يزن
مقطع يقرأ باللهجة الشعبية اليمنية… والبكيل ووائل من القبائل الشهيرة في اليمن ذات الماضي العريق… أما الزامل فهو شبيه بالأهازيج الهتافية التي تردد في المناسبات لاستثارة المشاعر والحمية
بروميثيوس الإله الأسطوري الذي سرق النار وأهداها للبشر ومن ثم حكم عليه بأن يقيد في الصخور ويأجل كبده نسر في الليل ثم ينمو الكبد من جديد في النهار…